مقالات

  10-09-2025

وعود ترامب ووعيده هواء فاسد

من الصعب تصديق وعيد ترامب أو وعوده، فهو كان قد تعهد بوقف الحرب بعد أن قدمت له المقاومة الفلسطينية عربون صداقة بالإفراج بلا مقابل عن المحتجز الأمريكي عيدان ألكسندر في مايو الماضي. ولم يفِ الرئيس الأمريكي بوعده. كذلك فإنه كان قبل ذلك، في مارس قد توعد حماس بفتح أبواب جهنم عليها. لكن الذي استمر في إحراق غزة وتدميرها وقتل أهلها وتهجيرهم، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالأسلحة والذخائر الأمريكية. ونحن نعلم علم اليقين أن أهداف ترامب من الدخول على خط حرب الإبادة في غزة هي أهداف أنانية تتعلق بتنمية أعمال ترامب شخصيا، وإقامة منتجعات سياحية في غزة، بعد ترحيل سكانها. الفرق بين ترامب ونتنياهو في النظر إلى حرب الإبادة، أنه يفضل تهجيرهم بدلا من قتلهم. وهو يعتقد بإمكان رشوة فلسطينيي غزة للرحيل، لكنه لم يجد لهم المكان الذي يرحلون إليه، ومن ثم فقد ترك الكرة في ملعب نتنياهو للعمل على «الخلاص منهم بأقصى قوة وفي أسرع وقت»، لأن إطالة الحرب تضر بإسرائيل كما قال. ويبدو أن فكرة الاقتراح الأخير نضجت مع عجز نتنياهو عن تنفيذ المهمة بالشكل الذي يطلبه ترامب، «بأقصى قوة وفي أقصر وقت». فخلال الأسابيع الأخيرة تصاعدت موجة رفض حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة بين الأمريكيين، وفي داخل الكونغرس، بينما يقترب موعد التجديد النصفي في العام المقبل. ومن المتوقع أن تكون «فلسطين» قضية رئيسية من قضايا انتخابات التجديد. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فمن المرجح أن يخسر معسكر ترامب، ما يزيد الصعوبات التي قد تواجهها الإدارة في التعامل مع الكونغرس في العامين التاليين. وليس ترامب أقل حرصا على استمرار الجمهوريين في الحكم عن حرص نتنياهو على الفوز في الانتخابات العامة الإسرائيلية المقررة في العام المقبل أيضا.

ليس ذلك فقط، بل إننا نميل إلى الاعتقاد بأن تصاعد قوة تيار إعلان قيام دولة فلسطينية تتمتع بحقوق العضوية الكاملة في الأمم المتحدة هو أحد محركات طرح الاقتراح الأخير، الذي أعلنه ترامب لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين ووقف الحرب مؤقتا في غزة. ومن المعروف أن بعض الدول المؤيدة لمشروع إعلان إقامة دولة فلسطينية، ومنها بريطانيا، يمكن أن تتراجع عن موقفها بشأن الاعتراف في حال عودة المفاوضات بين إسرائيل والمقاومة. ونحن نعلم علم اليقين موقف ترامب الرافض تماما لإقامة دولة فلسطينية، أو حتى مجرد الحديث عنها. كذلك فإن إسرائيل تعاني من تفكك الجبهة الداخلية، والخلاف بين الجيش والقيادة السياسية، واتساع نطاق غضب أهالي المحتجزين الذين لا يريدون عودتهم فقط، وإنما يريدون أيضا وقف الحرب وعودة جنود الاحتياط إلى أسرهم وأعمالهم. ومن الواضح أن الاستجابة لطلب الاستدعاء الأخير للانخراط في حرب احتلال مدينة غزة، كانت ضعيفة وبطيئة، وأن الجنود الموجودين في الخدمة يعانون من إحباطات نفسية كثيرة، وصلت إلى حد أقدام أعداد متزايدة على الانتحار، بدلا من البقاء في الخدمة. وقد سربت بعض الصحف الاسرائيلية أخبارا عن أن الجيش يجري تحقيقات سرية في الظروف التي أدت إلى انتحار أعداد من الجنود، وعدم رغبة آخرين الاستمرار في الخدمة.

د/إبراهيم نوار

باحث متخصص في العلاقات الاقتصادية والنزاعات الدولية

عضو مجلس أمناء الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.