مقالات

  25-01-2024

من ذكريات ثورة يناير

بعد مرور ١٣ عام على ٢٥ يناير ٢٠١١ أنبل ثورة في تاريخ الانسانية، الثورة الشعبية التي انتصر فيها شعب عظيم على الفساد والمحسوبية، والذي انحاز له جيشه الذي يقدر قوته وشرعيته.
فثورة ٢٥ يناير ثورة فريدة من نوعها رغم كل محاولات التشويه التي يحاول بعض من يحمي الفساد ممن يسعى لعودة النظام السابق ان ينال منها.
فخلال ال 15 يوما اعتصام في ميدان العزة والكرامة "ميدان التحرير"، وميادين أخرى في كافة محافظات مصر، رأيت أجمل شعب في العالم.
كنت أشعر دائمًا بالسعادة وأنا متجهة للميدان للقاء أنبل أشخاص ممكن تقابلهم في حياتك صفات الملائكة نساء ورجال وأطفال، أغنياء وفقراء بسطاء، وعلماء، فنانيين، وحرفيين، وعمال، الكل واحد لا فرق بينهم.
ترى الكل يتسابق لخدمة الآخر الكل في حالة محبة وإصرار وعشق لوطن مخطوف تعاهدوا معا على استرجاعه.
تجد في أحد أركان الميدان شاب يحمل عودًا ويغني أغاني وطنية تهز الوجدان يلتف حوله مجموعة تردد وراءه وتبكي وترقص. تجد في ركن آخر شاب يرسم على الأرض لوحات فيها كلمات حب وعلم بلادي ودعوات بالنصر، تجد في ركن ثالث سياسي وطني، يلتف حوله الشباب يسألوه ويجاوب ويتحاوروا ويتناقشوا يخبره بتخوفهم من الاستمرار لكنه يطمئنهم ويطالبهم بالصمود، حتى تتحقق الحرية.
كما تجد نساء ربات بيوت، أحداهن لم تخرج من بيتها إلا للزيارات يمرون على كل ركن لتوزيع الطعام والمشروبات والحلوى ويطلبون بإصرار أن تأخذ منهن.
وقالت إحداهن: انتم قاعدين هنا علشان خاطرنا واحنا قاعدين في بيوتنا، علشان كدا قررت انا وجارتي نشارك بطريقتنا وعملنا أكل سخن ولازم تجبروا بخاطرنا وتاخدو مننا علشان نحس إننا عملنا حاجة، الجارتان إحداهما مسلمة والأخرى مسيحية، لكن هنا في الميدان هن مصريات وكفى.
كانت المنصة المنصوبة في الميدان والتي يتم الإذاعة من خلالها وبث الأغاني وكلمات الثوار لمخاطبة الجماهير، هي التي يقف عليها خطيب الجمعة، والتي يقف عليها القسيس للصلاة.
كان الثوار بالنهار يجلسون يتناقشون في ما آلت إليه الأوضاع وضرورة رحيل هذا النظام الفاسد، وما ينتظرهم من مستقبل، وهل سيرحل هذا النظام أم سيستمر اعتصامنا لأيام وشهور، أم سيتم فض الاعتصام بالقوة واعتقالهم؟

وعندما يأتي الليل يتم توزيع المتطوعين على بوابات الاعتصام لحماية باقي المعتصمين الذين جاء دورهم لأخذ قسط من الراحة، ويتجمع الشباب ويغنون ويرقصو على أنغام صوت الثورة الشيخ إمام.
هما مين واحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزر فزر شغل مخك
شوف مينا بيحكم مين
ويأتي موعد الراحة ويتناوب الشباب الخيمة فالبعض يذهب لبيته ليستريح للصباح ويغير ملابسه ويسلم البعض الآخر أماكنهم في الخيمة، وإذا جاء معتصمون جدد للميدان يتم توزيع البطاطين عليهم. وفي الصباح يتم جمع البطاطين وترتيبها في مكان حتى الليل.
لم تحدث حالة سرقة واحدة ولا حالة تحرش كأنك في المدينة الفاضلة التي يحلم بها الرومانسيون.
إلى ان وصلنا ليوم 11 فبراير يوم الخلاص وتنحي النظام الفاسد عن الحكم, صرخنا وبكينا ورقصنا وغنينا.. كان الهتاف الله اكبر الله أكبر كأننا انتصرنا في حرب .
وبعد مرور ١٣ عام ما زلنا نحلم بتحقيق مطالب الثورة، من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية..
وسنظل نفتخر بأننا شاركنا في ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١

منى عبد الراضي

أمين المرأة بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.