مقالات

  14-08-2025

ثورتان في ضمير الأمة: جيل لم يكفّ عن الحلم

في كل عام، يأتي يوم الشباب العالمي ليذكرنا بقوة الأجيال الشابة ودورها المحوري في صنع التغيير. لكن في مصر، لا يقتصر هذا اليوم على الاحتفال، بل هو مناسبةٌ للتفكير في مسيرة جيلٍ حمل على عاتقه مرتين متتاليتين مسؤولية تغيير وجه الأمة.
نحن جيلُ 25 يناير 2011، الذي لم يخرج ليحتج على وضعٍ عابر، بل ليحطم قيودًا ثقيلة كبّلت إرادة المصريين لعقود. في الميادين، لم نردد مجرد شعارات، بل صرنا نصنع مدرسةً جديدةً للكرامة والحرية.
ثم جاء 30 يونيو 2013، وكان تصحيحًا حاسمًا لمسار كاد أن يودي بالوطن إلى المجهول. لم يكن انقلابًا، بل كان استجابةً لنداء الملايين الذين رفضوا احتكار السلطة. أنا فخورٌ بأنني كنتُ جزءًا من هذين الحدثين المصيريين، وأعلم أن ما حققناه لم يكن النهاية، بل بداية طريقٍ طويل.
تحدياتٌ لا تحتمل التأجيل
تظل الذكرى فرصة للمحاسبة والتذكير. فبينما نحتفل بانتصار إرادة الشعب، علينا أن نرفع صوتنا بمطالب لا يمكن تأجيلها:

الحرية للجميع: يجب الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي. فالحرية لا تُجزأ، ولا يجوز أن تكون السجون مكانًا لمن يعبرون عن أفكارهم سلميًا.
تمكين الشباب: يجب منح الشباب فرصًا حقيقية للقيادة. نطالب بـ كوتات نيابية ملزمة في البرلمان ومناصب تنفيذية، لضمان مشاركة عادلة وفاعلة لهذا الجيل في صنع القرار.
توسيع هامش المعارضة: يجب أن تضمن الضمانات الدستورية والقانونية وجود معارضة قوية وفاعلة. المعارضة ليست ديكورًا، بل هي صمام أمان الديمقراطية.
لماذا نخشى مشاركة الشباب؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يواجهه صانعو القرار: كيف يمكننا أن نضمن مستقبل مصر ونحن نهمش الجيل الذي صنع أعظم تحولين سياسيين في تاريخها الحديث؟ الشباب ليسوا مجرد "ورقة دعائية"، بل هم قادةٌ قادرون على إدارة الدولة وابتكار الحلول.
لقد مرت خمسة عشر عامًا على يناير، وإحدى عشرة على يونيو. لكن الزمن لم يمحُ الجراح التي خلّفها غياب العدالة الانتقالية والحرية المنقوصة. دماء الشهداء وصرخات المعتقلين ما زالت تتردد في ضميرنا.
لقد أثبتت الثورتان أن المصريين قادرون على صنع المعجزات حين يتحدون، لكننا اليوم بحاجة إلى معجزة أخرى: أن تتحول شعارات الثورة من مجرد حبر على الجدران إلى سياسات تنفيذية على أرض الواقع.
الطريق لم يكتمل بعد، ولن نسمح لنار الثورة أن تنطفئ. فصدى هتافات الميادين مازال يعلو في ضميرنا: "الثورة مستمرة". إنها ليست شعارًا، بل مبدأٌ نناضل من أجله، حتى يتحقق كل حلم راود هذا الجيل الذي لم يكفّ عن الحلم بوطن يليق بتضحياته.

وليد دنقل

أمين تنظيم ونائب رئيس اتحاد الشباب

عضو الهيئة العليا للحزب

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.