مقالات

  25-08-2025

التعديلات الجديدة لقانون ١٠.. بادرة للتقدم أم عودة للوراء؟

من فترة قصيرة، وتحديدًا يوم ١٣ أغسطس الجاري، انتشر عبر مواقع الأخبار ومنصات التواصل والمجموعات الخاصة بذوي الإعاقة نص مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون ١٠ لسنة ٢٠١٨ المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وبما أنه ما زال مشروع قانون ولم تتم مناقشته أمام البرلمان ولم يُقَرّ بعد، فذلك يفتح الباب أمامنا جميعًا لمناقشة التعديلات المقترحة وتحديد سلبياتها وإيجابياتها ومدى توافقها مع ما نتمناه لمستقبلنا كأشخاص من ذوي الإعاقة.

بمراجعة التعديلات، سنجد أنها طرأت على ٤ مواد من القانون هي: (٢، ٣١، ٤٩، ٥١)، وهي تعديلات ـ في رأيي ـ مهمة وجوهرية، ومن المهم أن نتشارك جميعًا في تناولها ومناقشتها.

في البداية، اسمحوا لي أن أتناول الجزء الإيجابي من التعديلات، وهو المرتبط بالمادتين (٤٩ و٥١) من القانون؛ حيث إن التعديلين في غاية الأهمية، لأنهما يُغلظان العقوبة على كل من ينتحل شخصية ذوي الإعاقة أو يدّعي أن لديه إعاقة وهو لا يملكها، وكذلك على كل من يحصل بدون وجه حق على ميزة كفلتها الدولة لذوي الإعاقة.

المميز هنا ليس تغليظ العقوبة فحسب، بل بداية للتخلص تدريجيًا من محاولات تزييف كارت الخدمات المتكاملة وشراء خطابات السيارات. وعلى قدر ما هو مهم تغليظ العقوبة على كل من يستفيد من مميزات ممنوحة لذوي الإعاقة، على قدر ما يقع على عاتقنا نحن أيضًا دور كبير في توعية ذوي الإعاقة أنفسهم بعدم بيع خطاباتهم، وعدم السماح بأن تذهب الميزة الممنوحة لهم إلى غير المستحقين.

وهذا يقودني إلى التعديلات الأخرى المقترحة في مشروع القانون، وأبدأ بالمادة (٣١). هذه المادة اختلف عليها عدد كبير من الأشخاص ذوي الإعاقة والمعنيين بالمجال، وهنا أود أن أتحدث بصراحة: التعديلات المقترحة على هذه المادة بعضها جيد، والبعض الآخر يحتاج إلى مراجعة.

فالتعديل المقترح نصّ على أن المستفيدين من مزايا الضمان الاجتماعي لا يحق لهم الحصول على خطاب سيارة معفاة من الجمارك، وهو أمر قد يتضرر منه البعض، لكنه منطقي إلى حد كبير؛ فالأشخاص الذين يتقاضون معاش "كرامة" (٧٠٠ جنيه شهريًا) تم إدراجهم في المعاش كنوع من الحماية الاجتماعية نظرًا لتردي أوضاعهم الاقتصادية، وهو ما يستحيل معه عمليًا وجود قدرة مادية على شراء سيارة أو تحمّل تكاليف صيانتها أو دفع راتب سائق في حال لم يقُدها الشخص بنفسه.

أرى أن هذه خطوة إيجابية للحد من بيع الخطابات لغير المستحقين وحماية موارد الدولة.

لكن السؤال هنا: هل مدة الـ ١٥ سنة التي نص عليها التعديل كافية ومناسبة لنوعية السيارات التي يستوردها ذوو الإعاقة؟

المادة (٣١) نصت على أن للشخص من ذوي الإعاقة الحق في سيارة واحدة معفاة من الجمارك كل ١٥ سنة، وهذا أمر ظاهريًا يبدو عظيمًا، لكنه في الواقع مُرهق. فالسيارات التي يستوردها ذوو الإعاقة غالبًا ليست موديل السنة، بل إصدارات قديمة نسبيًا، وبالتالي تتعرض للتلف بعد سنوات وتحتاج إلى صيانة مستمرة.

هل من المنطقي أن يُطلب من الشخص ذي الإعاقة أن يتحمّل عناء سيارة مستعملة ١٥ عامًا؟

فمثلًا، لو استورد سيارة موديل ٢٠١٥ لأنها الأرخص سعرًا، فهي بالفعل ماشية على الطرق منذ ١٠ سنوات، فهل يُطالب بالاحتفاظ بها ١٥ سنة إضافية؟

بدل أن تكون وسيلة راحة له، ستتحول لمصدر نفقات لا ينتهي. لذلك لا أجد أي مبرر لزيادة المدة إلى ١٥ سنة بدلًا من ٥ سنوات كما في القانون الحالي، خصوصًا أن هناك تغليظًا للعقوبة واستبعادًا لحاملي معاش "كرامة" من المنظومة.

والسؤال الأهم: هل سيُطبق هذا التعديل بأثر رجعي؟

فالقوانين عادة لا تُطبق بأثر رجعي بعد صدورها ونشرها بالجريدة الرسمية، لكن عمليًا: لو شخص اشترى سيارة في ٢٠٢٢، ودخل القانون حيز التنفيذ في ٢٠٢٦، هل سيُسمح له بشراء سيارة جديدة في ٢٠٢٧ كما كان يحق له سابقًا، أم سيُجبر على الانتظار ١٥ سنة؟

أما بالنسبة للمادة (٢)، فأتمنى ألّا تمرّ أبدًا بصيغتها الحالية؛ إذ استبدلت كلمة قصور كلي أو جزئي بكلمة عاهة طويلة المدى.

وهذا يثير تساؤلات عديدة: هل نحن بصدد العودة لمصطلحات ما قبل السبعينات؟

هل نتجاهل المفهوم المعتمد عالميًا في الاتفاقية الأممية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)؟

هل يُعقل أن نُختزل جميعًا تحت وصف "أصحاب عاهات"، رغم أن بيننا علماء وسياسيين ومفكرين ورياضيين وفنانين وأصحاب إسهامات مجتمعية كبيرة؟

أطالب ـ وأتمنى أن يشاركني الجميع ـ بأن يخرج من كتب نص هذا التعديل ليشرح لنا فلسفته التشريعية والهدف القانوني منه، وما التغيير الذي سيطرأ على أرض الواقع باستبدال كلمة قصور كلي أو جزئي بكلمة عاهة.

هل يتضرر أصحاب الإعاقات غير الظاهرة (التي لا يُطلق عليها عادة "عاهة")؟

أم أن الهدف توسيع المظلة لتشمل حالات مثل أصحاب العين الواحدة أو الأذن الواحدة؟

في النهاية، أرى أن التعديلات في مجملها جيدة: تمرير المادتين (٤٩ و٥١) المرتبطتين بتغليظ العقوبة أمر ضروري جدًا. أما المادة (٣١) فتحتاج إلى مراجعة وتعديل المدة لتظل ٥ سنوات كما في القانون الحالي، دون المساس بالسعة اللترية. بينما لا أرجح إطلاقًا الموافقة على المادة (٢) بصورتها المقترحة.

أنا مؤمنة تمامًا أن مَن سيمثلون ذوي الإعاقة في البرلمان القادم سيكون على عاتقهم مسؤولية كبيرة في الوصول إلى أفضل صياغة ممكنة لهذه التعديلات، بما يراعي المصلحة العامة للأشخاص ذوي الإعاقة ومتطلباتهم.

#للنقاش: أنتم شايفين التعديلات دي إزاي؟

مريم عادل

أمين الشؤون السياسية وعضو المكتب السياسي والهيئة العليا بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.