02-03-2022
حجم القوات الروسية التي اجتاحت أوكرانيا، ورفع حالة التأهب النووي بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين تتجاوز احتياجات روسيا لاحتلال أوكرانيا بكثير جدا. طابور الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود والمدافع الذي يتقدم نحو كييف يبلغ طوله 60 كيلومتر حسب صور الأقمار الصناعية، ما هذا الجبروت؟ بوتين على مايبدو يخطط لما هو أبعد من أوكرانيا.
إذا فشلت غزوته، ومن المرجح أن تفشل، وربما يسقط فمن المؤكد أن أوكرانيا ستصبح بعد فترة عضوا في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بينما بوتين قد يلقى مصيرا يشبه مصير القذافي. الغزو الروسي لأوكرانيا أيقظ أوروبا لتنتبه إلى ما هي فيه من ضعف وعجز.
وسيكون ذلك بداية لعصر جديد من الصراع العالمي. الولايات المتحدة ستستخدم عصا العقوبات وفرض العزلة الشاملة بالتنسيق مع حلفائها، وعصا حلف الاطلنطي ستضرب من عصا. لكن أوروبا ستطور هويتها السياسية والدفاعية بسرعة وبمزيد من العزم والتصميم، لتخلق واقعا جديدا على مسرح الصراع العالمي.
في الجانب الآخر، يقف معسكر إنتهى عمره الافتراضي بقيادة حكام مستبدين، يحاول الدفاع عن نفسه، هذا العالم قد يصبح بعد سنوات جزءا من الماضي، خصوصا اذا أسرعت أوروبا إلى تعزيز المحتوى الديمقراطي للسياسة الخارجية والدفاعية العالمية، لتقوم على أساس القيم وليس على اساس المصالح قصيرة النظر ذات الطابع الأوليجاركي والقومي المتطرف.
الغزو خلق لحظة التنوير التاريخي التي التقت فيها القيم مع المصالح. واذا تطورت السياسة الخارجية والدفاعية في هذا الاتجاه فإن دورة حياة الانظمة الاوتوقراطية ستتوقف، لتمهد لإزالتها وفتح الباب لموجة ديمقراطية حقيقية رابعة في العالم.
د/ ابراهيم نوار
باحث متخصص في العلاقات الاقتصادية و النزاعات الدولية
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.