مقالات

  24-02-2022

هل انهزمت ثورة يناير؟

ثورة 25 يناير هي واحدة من أنبل وأعظم ثورات الشعب المصري. تجمعت فيها عدة عوامل أدت إلى ظهور فرصة للجماهير تعبر فيها عن صدق تطلعاتها لدولة ديمقراطية مدنية حديثة، دولة تحقق فيها مطالبها: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

تضمنت عوامل إشراق هذه الثورة النبيلة:

1- الأمل الذي بزغ بنجاح ثورة تونس في إسقاط الطاغية الفاسد هناك.

2- انتشار رائحة فساد مبارك وأسرته والمحيطين به.

3- فضيحة تزوير انتخابات 2010 وسوء إخراج هذا التزوير بسبب صراع أجنحة النظام الفاسد

4- الإصرار على مخطط توريث فج للسلطة.

5- استمرار الممارسات والانتهاكات المتعددة داخل جهاز الشرطة. وفجاجة واقعة تعذيب ووفاة خالد سعيد (التي أثبتتها مؤخرا فقط احكام القضاء النهائية).

6- سوء إدارة ملف تفجير كنيسة القديسين وانفجار مظاهرات الاحتجاج .

7- نجاح مظاهرات الاحتجاج علي أحداث كنيسة القديسين في كسر حواجز الشرطة.

كل هذا أدى إلى تحول مسيرات كان يظن أنها محدودة إلى مظاهرات هادرة رفعت مطالبها إلى سقف "الشعب يريد إسقاط النظام" ، القوى الثورية الأساسية والرائدة كانت مدنية وشبابية ومتعددة المشارب، بينما انضم الاسلاميون لاحقا بعد قدر من التردد.

لكن حدث مايلي:

- القوى المدنية نحت إلى تحقيق توافق واسع لكنه هش يستهدف فقط إسقاط مبارك وطغمته.

- أصرت أجنحة أساسية بين القوى المدنية على إثبات "طهارة نيتها" بالترفع عن السعي للسلطة والإصرار أن الثورة في الميدان وليس في البرلمان، بل والترفع عن الانتظام في تنظيمات حزبية.

- دخل الأخوان الساحة وقرروا مع جل التيارات الإسلامية إعلان الولاء للمجلس العسكري بقبول تعديل دستور النظام الساقط بدلا من اسقاطه، وساد احساس أن الطريق للاستقرار وللمستقبل هو الأخوان الذين يحظون بتأييد المجلس العسكري.

- عبرهذه الرسالة - مع الزيت والسكر- ورسالة أن الاسلاميين أكثر استقامة من "العلمانيين". نجح الأخوان في حصد 40% من أصوات انتخابات البرلمان وأقل في أول جولة من انتخابات الرئاسة. لكن تصوروا أن هذا يتيح لهم سيطرة كاملة ولا يحتاجون "لزملاء الميدان". ثم تبدى واضحا أن "الدولة العميقة" ليست معهم، وفشلت محاولاتهم في تخطي هذه العقبة.

- تصاعد السخط الشعبي والإعلامي على التيار الإسلامي الحاكم، وانفجرت مظاهرات الاتحادية في آخر 2012 وتكونت جبهة الإنقاذ ومن رحمها حركة تمرد فسقوط الأخوان في 30 يونيو.

- حلت جبهة الإنقاذ نفسها بعد 30 يونيو وساد مرة أخرى ترفع أطرافها عن استمرار الوحدة بينهم وأنفوا عن تشكيل جبهة مدنية موحدة. وأنفوا عن محاولة تنظيم مثل هذه الجبهة.

انصرف معظم الشباب الثوري إلى شؤونهم الفردية يأسا أو غضبا أو خوفا أو إحساسا بالارتباك مما حدث ولماذا حدث، و لازالت الريبة وعدم الرغبة في التعاون وتصعيد الخلافات داخل قوى التيار المدني إلى درجة التخوين والتشكيك في الذمم والاتهامات المتبادلة تؤدي إلى تفتت بعض أحزاب جبهة يناير، والمطالبة بالحد الأقصى لإثبات طهارة النية تؤدي إلى خسارة وعزلة تيارات ينايرية أخرى.

فهل يعني هذا انهزام ثورة يناير وأفولها بلا رجعة؟

من يعرف تاريخ الثورات الشعبية يدرك أن هذا لا يحدث، الثورة الفرنسية 1779 تبعتها ردة واسعة إلى حكم نابليون العسكري الاستبدادي ثم عودة الطبقة الارستقراطية الحاكمة ثم موجة ثورة أخرى في 1848 وثالثة في 1870 ولم يحقق الفرنسيون استقرارا نحو مبادئ ثورتهم إلا في 1911.

كذلك يناير حفرت مكانها في وجدان الشعب المصري العميق، في عقله الجمعي في اللاشعور الشعبي ولا يمكن انتزاع هذا النوع من الأثر مهما بدا أنه تلاشى.

ونحن نؤكد أنه إن لم تتحرك مصر بخطوات إصلاحية مطردة وحقيقية نحو مجتمع العيش والحرية والعدالة الاجتماعية فلن نستطيع تجنب موجات احتجاجات ينايرية أخرى.

لساها ثورة يناير وعاش نضال المصريين من أجل دولتهم الديمقراطية الحديثة.

د.ايهاب الخراط
نائب رئيس الحزب للشؤون التشريعية والبرلمانية


كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.