09-07-2023
تعد المؤسسات والجمعيات التعاونية، أحد العوامل الرئيسية في التنمية الإقتصادية والاجتماعية لأي دولة، وتلعب الحركة التعاونية دورًا مهمًا في الحد من اختلال اقتصاد السوق،
خاصة في القضاء على الاحتكار والمعوقات التي تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة، هذا بالإضافة إلى مساهمتها في القضاء على ظاهرة ارتفاع الأسعار التي انتشرت الفترة الأخيرة.
وتكمن أهمية القطاع التعاوني في أنه يمكن أن يمثل الضلع الثالث والرئيسي في الإقتصاد القومي والمتمثل في القطاع الخاص وقطاع الأعمال والقطاع التعاوني، كما أنه يعتبر مصدر لتوفير عدد كبير من الوظائف في المجتمع.
أيضًا يعتبر القطاع التعاوني بميزته الفائقة في المرونة والتكيف مع أوضاع السوق المحلي وتقلباته فرصة جيدة لدمج الفئات الضعيفة في المجتمع مثل المرأة وذوي الإعاقة. كما أنه يمكن للمؤسسات التعاونية أن تكون مؤسسات تمويلية لغيرها من التعاونيات، كما أن التعاونيات بفضل مرونتها الإقتصادية يمكن أن تساهم بقدر كبير في عمليات نقل التكنولوجيا وتطبيق التجارب الحديثة في كل المجالات فضلًا عن توفير السلع ومستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة.
كل هذا يبين أن التعاونيات بوصفها منظمات تعمل في بيئة تنافسية لها دور مميز كمنشآت اقتصادية ضمن المجتمع المدني.
ويوجد في مصر خمسة قطاعات تعاونية: إسكاني، واستهلاكي، وزراعي، وإنتاجي، وثروة سمكية، وجميعها تعاني مشكلات متراكمة على مر سنوات وسنوات، وتنتظر الحل على يد الحكومة، بشأن مشاكل التطوير والإهتمام بها ولذا تعاني التعاونيات في مصر من ضعف هياكلها، وسوء استغلالها وإدارتها، وتحتاج إلى سن تشريعات وقوانين جديدة وتوفير فرص الدعم لها.
وقد لعبت الدولة دوراً هاماً في سبعينات القرن الماضي، في دعم التعاونيات الزراعية فتبلغ المساحة الزراعية 5.7 مليون فدان جميع الحائزين هم أعضاء في الجمعيات التعاونية الزراعية.وكانت الدولة تقوم بالتسويق الزراعي وضمان حقوق الفلاحين، فظهر التسويق التعاوني الإجباري، وكانت الدولة تتعاقد على تصدير حاصلات معينة كالبرتقال والبصل، وكانت تصدر البرتقال لروسيا في الغالب والبصل يصدر كمحصول أو مجفف في مصانع كانت تملكها الدولة وتم تصفيتها.وقد انسحبت الدولة من منظومة التسويق وطالبت التعاونيات أن تؤدي مهمتها الأساسية وهي تسويق المحاصيل وإنشاء المشروعات التنموية وهو ما لم ولن يحدث لأن الجمعيات لا تملك السيولة المالية لتسويق أي محاصيل إلى جانب أن تصرفها في الأصول التي تملكها لن يوفر لها السيولة للتسويق أو الإقراض، إلى جانب أن الجمعيات لا تملك إدارات للتسويق الخارجي يمكنها من إبرام تعاقدات مع الدول المستوردة.
الجمعيات الزراعية تحولت في السنوات الأخيرة إلى "دكاكين" لبيع الأسمدة فقط، وفي حال تحرير سعر الأسمدة فإن تلك الجمعيات ستغلق أبوابها في الحال، كذلك العاملين بالتعاونيات لم يتخلصوا من التبعية للحكومة رغم أن القانون يعطيهم حرية التحرك وفتح مجالات إنتاجية تساعد في تسويق المنتجات الزراعية.
أما بالنسبة لقطاع الجمعيات الإستهالكية فإنه يعاني من المنافسة الشرسة من السلاسل التجارية الكبرى للقطاع الخاص، هذا بالتزامن مع عدم وجود أي دعم حقيقي من قبل الدولة لنشاطها.ويبلغ عدد منافذ بيع الجمعيات الإستهالكية في مصر آلاف موزعة على مستوى الجمهورية. هذا وتقوم الجمعية التعاونية العامة للسلع الإستهالكية بتسويق البضائع على جميع الجمعيات ومنافذ البيع المنتشرة بالمحافظات، وتمتلك بطاقة تصدير واستيراد، وتقوم باستيراد سلع غذائية من الخارج مثل علب التونة والشاي الهندي والأرز وغيرها.
وبالنسبة لجمعيات الإسكان فإنها نشطت في أوائل السبعينات وحتى أوائل الثمانينات حيث توسعت الدولة في إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وتخصيص الأراضي لجمعيات الإسكان لكنها تعثرت تدريجيًا بعد إطلاق مشروعات الإسكان الإجتماعي وإسكان الشباب مثل ابني بيتك وغيرها حتى بلغت قيمة الاستثمارات في المشروعات التعاونية المتعثرة إلى أكثر من 02 مليار جنيه.
أما عن تعاونيات الثروة المائية فتعتبر الغالبية العظمى من الصيادين المالكين أو غير المالكين لمراكب صيد أعضاء بتعاونيات الثروة المائية التي تساهم في انتاج أكثر من 02 %من حجم الناتج السمكي ويبلغ عدد تعاونيات الثروة المائية حوالي 09 جمعية تعاونية للثروة المائية،
ويبلغ حجم العضوية حوالي 30599 عضواً، وتواجه تعاونيات الثروة السمكية مجموعة من المشكلات أهمها ضعف التمويل والمنافسة الشرسة من القطاع الخاص وقيام جهاز المشروعات للقوات المسلحة بإنشاء مزارع سمكية ضخمة تنتج ما لا يقل عن 922ألف طن سنويا من الأسماك، وضعف الإمكانيات المادية والبشرية والتنظيمية وتداخل الإختصاصات وتضاربها بين العديد من الجهات الحكومية وحرمان القطاع التعاوني من المنح والقروض الميسرة التي توفرها وزارة التعاون الدولي للقطاعين الخاص والإستثماري.
ويواجه القطاع التعاوني المصري العديد من التحديات تتمثل في:
أولها التحديات التشريعية: والتي تتمثل في تعدد القوانين الحاكمة لجمعيات التعاون بأنواعها. فضلًا عن إصدار بعض القوانين التي تعوق الحركة التعاونية مثل قانون الضرائب الجديد، وقانون الجمارك والحد من الإعفاءات الجمركية وغيرها من القوانين.
وثانيها التحديات الإدارية: المتمثلة في زيادة النفقات، والمرتبات، وضعف تدريب العاملين في التعاونيات، فضلًا عن غياب تكنولوجيا المعلومات والمعلومات السوقية عن القطاع التعاوني.
وثالثها التحديات التمويلية: والمتمثلة في ضعف مصادر تمويل القطاع التعاوني.
وآخرها التحديات الاجتماعية: والمتمثلة في الصورة النمطية للمجتمع حول التعاونيات وسيادة روح الوظيفة الحكومية عليها وسلبية الحكومة تجاه القطاع التعاوني وعدم تطويره.
ويمكن أن يكون هناك حلولًا لتطوير القطاع التعاوني تتمثل في:
إصدار القانون الموحد للتعاونياتـ، لتوحيد إجراءات إشهار ومتابعة ورقابة الجمعيات .
توحيد الجهات المشرفة على القطاع التعاونى وقصرها على الإتحاد التعاونى العام.
إنشاء بنك التعاون كجهة إقراضية وادخارية لغيره من التعاونيات.
إعادة بناء الصورة النمطية للتعاونيات من خلال الإعلام والأكادميين.
التوسع في التدريب واستخدام التكنولوجيا للعاملين بالتعاونيات.
الإهتمام بإنشاء منظومة تسويقية تهتم بالمعلومات السوقية وإصدار دوريات لهذا الشأن.
فضال عن الإهتمام بنقل التجارب الحديثة في العالم ونقل التكنولوجيا من خلال بروتوكولات التعاون بين مصر وغيرها من الدول.
د/ آمال السيد
خبير التعاونيات
عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.