21-07-2025
في كل استحقاق انتخابي، تتجدد الدعوات لبعض أحزاب المعارضة بعدم المشاركة في "القائمة الوطنية"، ويُطرح ذلك وكأنه تنازل عن المواقف أو فقدان للهوية، بينما الحقيقة أبعد ما تكون عن هذا التصور السطحي.
المشاركة لا تعني الذوبان، بل تعني الدخول في معادلة السلطة بشكل مسؤول. فالمعارضة الحقيقية ليست شعارًا خارج القاعة، بل هي موقف داخل البرلمان، حيث تُصاغ القوانين وتُراجع السياسات، ويُحاسب التنفيذيون. فهل الأفضل أن تبقى المعارضة في مقاعد المتفرجين، أم أن تمارس دورها الحقيقي من داخل المؤسسة التشريعية؟
إذا تضمّنت القائمة الوطنية تنوعًا سياسيًا حقيقيًا، فذلك يعكس نضجًا سياسيًا ورغبة في التعددية تحت سقف الوطن. رفض المشاركة لمجرد أنها "قائمة موحدة" هو موقف انعزالي، لا يخدم لا الوطن ولا القضية. المشاركة تتيح التفاوض على البرامج، والأولويات، ومواقع التأثير.
التجارب السابقة أثبتت أن المقاطعة تهمّش الصوت المعارض، وتمنح الطرف الأقوى فرصة الانفراد بالمشهد. في حين أن الحضور يُحدث فارقًا، ولو كان محدودًا في البداية. إنّ بناء الكتلة المعارضة يبدأ بمقعد، ويكبر مع الموقف الصلب والعمل المنظم.
الناخب اليوم لا يريد خطبًا نارية في الشوارع، بل يريد من يمثله داخل البرلمان، من يناقش قضايا الصحة والتعليم والدعم والعدالة الاجتماعية. القائمة الوطنية، إن فُهمت جيدًا واستُخدمت بذكاء، قد تكون مدخلًا لإيصال هذه الأصوات.
في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، لا يليق بالمعارضة أن تنسحب. بل العكس، الواجب الوطني يقتضي أن تتواجد في قلب المعركة التشريعية، تقدم الحلول، وتراقب الأداء، وتُعبّر عن الناس بصدق وشجاعة.
خلاصة:
مشاركة أحزاب المعارضة في القائمة الوطنية ليست خيانة للمبدأ، بل تجسيد له. إنها فرصة لإعادة تعريف المعارضة كمشروع وطني، عقلاني، شجاع… لا يكتفي برفع الشعارات، بل يخوض معركة التغيير من قلب المؤسسات.
د/سماح جاهين
أمين الحزب بالغربية
عضو الهيئة العليا والمكتب السياسي للحزب
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.