حتى نبرأ من داء الشك وما توسوس به النفس فإننا نناشد المسؤولين - وعلى رأسهم بالطبع - فخامة رئيس الجمهورية بالإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا الرأى .

أما بشأن القضية التي يجرى النقاش حولها في هذه الجلسة؛ وهى عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ والتفرغ لعضويتهما، فإننا نرى بشأن الأول منها أننا عانينا خلال عقود طويلة من الاهتمام بزيادة الكم على حساب الكيف في شتّى المجالات، الأمر الذي عرض الوطن للمزيد من الأزمات، والعبرة ليست في عدد الأعضاء، بل بالكفاءة والقدرة على أداء الدور البرلماني على الوجه الذى يحقق مصلحة المواطن ويعلي من شأن الوطن وهو مايدعونا إلى التمسك بما سبق طرحه من ضرورة الأخذ بالقائمة النسبية، التى سيترتب عليها بالضرورة تعميق فكرة التعددية وتنوع الفكر الديمقراطي بما يسهم بدوره في اختيار الأفضل، فضلاً عن ضرورة إعادة النظر في قانون تقسيم الدوائر، وسائر القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية وبعد ذلك نتحاور حول زيادة عدد الأعضاء، بما يواكب الزيادة السكانية أو نكتفي بالعدد القائم .

أما بالنسبة لمسألة التفرغ لعضوية المجلسين، فمن المسلم به أن السلطة التشريعية هي السلطة الأقرب إلى الإدارة الشعبية، ولهذا لابد أن تتمتع بقدر كبير من الاستقلال الذي من أهم مظاهره إبعاد أعضائها عن الأعمال والوظائف والأنشطة التي تنعكس سلبًا على أدائهم لدورهم البرلماني، وقد حسم المشرع الدستوري هذا الأمر بما تضمنه نص المادة (103) من الدستور على التفرغ لمهام عضوية مجلس النواب .

وقد جاء النص سالف الذكر عامًّا مطلقًا، وقد تشاركوني الرأي في أن اللائحة الداخلية للمجلسين جاءت بتفصيل واف في مسألة التفرغ، إلا أننا نرى أنه كان يتعين التفرقة بين الأنشطة والوظائف التىةي تنعكس سلبًا على اداء النائب لدوره البرلماني، وتلك الأنشطة والوظائف والمهن الخاصة التي نرى جواز الجمع بينها وبين عضوية البرلمان، على أن يحظر على النائب استخدام اسمه متبوعًا بصفته البرلمانية على أي إعلان أو أوراق خاصة بمشروع مالي أو صناعي أو تجاري لتفادي شبهة التأثير والضغط من النائب على من يتعامل معهم، أو تربحه من وراء صفته البرلمانية .

ونرى أن تضاف لمهام مجلس الشيوخ مهمة إبداء الرأى في القوانين والموافقة عليها وإحالتها لمجلس النواب، وهو المعمول به في العديد من الدول ذات الديمقراطيات العريقة التى تأخذ بنظام الغرفتين للبرلمان .