أنقذوا جبانات القاهرة التاريخية من الزوال
يعرب الموقعون على هذا البيان من هيئات اجتماعية وجمعيات ونقابات مهنية ومتخصصين وشخصيات عامة بأشخاصهم وصفاتهم عن إدانتهم الكاملة لمسلسل التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية والمسجــلة عــلى قــائــمة الــتراث الــعالمــي، تحــميها قــوانــين عــالمــية ومحــلية، واكتســبت قــيمتها بــمن ضــمتهم فــي ثــراهــا، أجــيال مــتعاقــبة مــن أبــناء هــذا الــبلد بجــميع فــئاتــه وطــبقاتــه، ومــن ســاهــموا فــي نــهضة هــذا الــبلد الــثقافــية والــحضاريــة، بدأ بالصحابة الأوائل رضي الله عنهم ومرورًا بأولياء الله الصالحين والعديد من الــحكام والــساســة، والــفنانــين والأدبــاء والــشعراء، علاوة على ضمها كـــنوزًا مـــعماريـــة فـــريـــدة شـــديـــدة الـــتنوع تـــعبر عـــن حـــقب زمنية مـــن تـــطور الـــعمارة الــجنائــزيــة المــمتدة مــنذ مــصر الــقديــمة إلىيــومــنا هــذا بما تحويه من عناصر فريدة تــتعرض الآن لأكبر عــملية قــرصــنة وتدمير يشهده التاريخ.
ولقد تم عرض حلول وبدائل عن الإزالة طرحتها لـجنة شـكلها مجـلس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي والـحفاظ عـلى الـتراث، والتي قـامـت بـدراسـة لجـدوي مشـروع الـطرق المرورية التي تخترق الجبانات والـذي بـدأ تـنفيذه عـام 2020، والتي أثبتت اللجنة عـدم جـدواه مروريًا واقتصاديًا، وتم طرح عدة بدائل تعتمد عــلى اســتغلال شــبكة الــطرق الــحالــية والمســتحدثــة دون المــساس بـالـجبانـات الـتاريـخية، مع وضع رؤية لاستغلال الموقع للسياحة الدينية والثقافية وكـذلـك حـلًا لمـشكلة المياه الجوفية بالمنطقة، إلا أننا فوجئنا بعد تقديم هذا الاقتراح بمعاودة الهدم بـلا هـوادة وبكثافة أكـثر مـن ذي قـبل كـأن هناك سـباق مـع الزمن لمحو جزء من تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها وقهر شعبها بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم وتشتيتها.
لقد ناشد الموقعون على هذا البيان كافة الجهات المسؤولة لوقف هذه الجريمة، ولجأوا إلى مجلس الدولة المصري الذي رفض نظر الشق العاجل في دعواهم القضائية لوقف أعمال الإزالة بهذه المنطقة، وأرسلوا عشرات الشكاوى والطلبات بلا جدوى.
لا يسعنا سوي أن نتوجه إلى أبناء هذا الشعب لمؤازرتنا وإعلاء مطلبنا بوقف مسلسل انتهاك تاريخ بلادنا على الفور ومحاسبة المسؤولين عن جريمة تدمير هذه المنطقة التراثية الفريدة من نوعها، كما نعلن أننا سنتوجه ببلاغ للنائب العام ضد كلا من وزراء الآثار والسياحة والإسكان والأوقاف بأشخاصهم وصفاتهم وكذا المسؤولين عن التنسيق الحضري، وكافة الجهات المشاركة في أعمال الإزالة والهدم، ونطالب بفرض الحراسة اللازمة لمنع تبديد وتدمير المزيد من هذه المباني التاريخية وما تحويه من قطع أثرية نادرة، وسحب كافة معدات الهدم منها وتقييم الأضرار التي لحقت بهذه المنطقة، وسنعلن لاحقًا عن عدد من الخطوات والإجراءات لمواجهة ذلك، وما زلنا على أمل أن تصل مطالبنا إلى أذن واعية يمكنها وقف هذه الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها حفاظا علي مقدرات وثروات هذا الوطن وتاريخه.
