14-03-2023
البُعد الأول أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا تعنى بالضرورة الاتفاق فيما بينها على كل الملفات أو التحالف، إنما تعنى إيجاد طريقة متحضرة لحل الخلافات بعيدًا عن التحريض أو التدخل فى شؤونها الداخلية.
أما البُعد الثانى فيتعلق بجدية المسار، فالاتفاق لم يكن مجرد حدث أو فرقعة إعلامية تنتهى بانتهاء التصوير واللقطة، إنما هو نتاج عمل دؤوب وقنوات اتصال بين البلدين، معظمها غير علنى، استمرت لعامين، ولعبت فيها بغداد دورًا أساسيًّا فى تقريب وجهات النظر، بجانب سلطنة عمان وروسىا، بما يعنى أن هناك نية لحل، ولو جانب من الملفات العالقة بين البلدين، ولو بشكل تدريجى.
أما البُعد الثالث فيتعلق برسالة الاتفاق إلى العالم العربى والمنطقة، فهو يقوى من فرص عودة العلاقات بين مصر وتركيا على نفس الأرضية السابقة، أى بمعنى أن ذلك لا يعنى اتفاقهما على كل الملفات، إنما اعتبار العلاقات الدبلوماسية وسيلة متحضرة لحل الخلافات بين الدول، وتمثل ضمانة ألّا تتحول أى خلافات إلى مواجهات خشنة، كما أنه يوجه رسالة إلى بلدين عربيين شقيقين، وهما الجزائر والمغرب، بعد قطع علاقاتهما الدبلوماسية، رغم ما بينهما من أواصر تاريخية من الأخوة ووشائج قربى، وأن الخلافات الحادثة بينهما أقل بكثير مما كان بين السعودية وإيران.
أما البُعد الرابع فهو رسالة الصين إلى العالم، وخاصة لأمريكا، والتى تقول إنها قوة صاعدة، وتمثل منافسًا حقيقيًّا لحضورها الدولى ليس فقط على المستوى التجارى والاقتصادى، إنما أيضًا على المستوى السياسى والدبلوماسى، وهو مجال كان للولايات المتحدة السبق والهيمنة عليه.
أما البُعد الخامس فهو رسالة تقول إن العالم العربى والشرق الأوسط ليس «قاصرًا»، وإن بلاده يمكن أن تتحرك دفاعًا عن مصالحها بشكل مستقل دون استئذان من أحد، حتى لو كان قوة عظمى مثل أمريكا، (وحتى لو أخبرتها السعودية للعلم بالمفاوضات).
سيصبح التحدى تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع بشكل تدريجى، والبداية يجب أن تكون فى اليمن ولبنان.
د/ عمرو الشوبكي
كاتب وباحث سياسي وبرلماني سابق
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.