مقالات

  14-05-2019

منى شماخ تكتب:أنا الوطن والوطن أنا

"أنا الدولة والدولة أنا"

قول مشهور ينسب للملك الفرنسي لويس الرابع عشر الذي تولى حكم فرنسا منذ 1643 و حتى 1715.

عبارة بسيطة موجزة تختصر فلسفة حكم الفرد وتبرر كل مايقوم به الحاكم من قمع وتنكيل بمعارضيه، فالحاكم هو الدولة، ومعارضته خيانة، ومحاولة إنهاء حكمه هدم لكيان الدولة.

فالحاكم والنظام السياسي والدولة كيان واحد لايمكن تجزئته، الحاكم هو النظام والنظام هو الدولة.

وإذا كان هذا هو الفكر السياسي الذي حكم فرنسا قديمًا إلا أنه لازال سائدا عند أغلب حكام العالم الثالث، بل إن العبارة تتحول إلى "أنا الوطن والوطن أنا".

وعندها يصبح الحاكم وحاشيته وكل ما يتعلق برجال الدولة خطًا أحمر لا يجب الإقتراب منه، فيصبح كل من ينتقد الحاكم أو يقف في وجهه أو يعترض على قراراته ويخالفه في رأيه، خائنا للوطن يجب القصاص منه ومن كل من يعاونه بل ومن يرضى عن أفعاله.

وفي أوقات الأزمات ـ وهي دائمة في بلادناـ تزداد قابلية الشعوب لتصديق هذه المزاعم، ويصبح الدفاع عن الحاكم دفاعًا عن الوطن، والولاء له مرادفًا لمعنى الوطنية.

ولكن في الواقع يجب التمييز بين الدولة والحكومة، فمفهوم الدولة أكثر اتساعا من الحكومة، الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجتمع وأفراده بوصفهم مواطنين، وهو ما يعني أن الحكومة ليست إلا جزءًا من الدولة.

فالحكومة هي الوسيلة التي تمكن الدولة من أداء مهامها، الدولة كيان له صفة البقاء والاستمرار، بينما الحكومة مؤقتة بطبيعتها، وقد يتعرض نظام الحكم للتغيير أو التعديل، ولكن تبقى الدولة.

إسقاط الحكومة وتغييرها بالطرق السلمية هى أحد الاستحقاقات الديمقراطية وقواعدها التى يجب التسليم بها ولكن ليس من حق أي فصيل سياسى أن يسعى لإسقاط الدولة تحت أي مسمى.

ويجب أن تنتمي مؤسسات الدولة للشعب وليس للنظام السياسي، الشرطة لأمن المواطن، والجيش لأمن الوطن، والقضاء يحكم بالعدل فلا تتحول أحكامه أداة للانتقام وتصفية الحسابات.

فالدولة هي القانون، والنظام هو السياسة، وإذا اختلط المفهومان فقد القانون قدرته على تأمين المساواة والعدل في المجتمع. وهنا يستعير النظام من الدولة مؤسساتها الأمنية، ليفرض بالقوة سلطته وهيمنته على المجتمع.\

خلط المفاهيم بين الحاكم والوطن والدولة والنظام لن يحمي الحاكم ونظامه لكنه سيفقد الدولة هيبتها والوطن قدسيته. سيتحول الصراع على أو مع النظام لصراع مع الدولة أو على الدولة ويتوجه الغضب على سلوكيات وممارسات النظام السياسي لغضب ضد الدولة.

الحاكم الذي يمنح وسام الوطنية للموالين له فقط ويختصر مفهوم الدولة على نظامه هو في الحقيقة يقوم بعملية هدم لفكرة الدولة ومفهوم الوطن، ومانراه من سقوط للدول في منطقتنا نتيجة سقوط أنظمتها أكبر دليل على ذلك. حماية النظام لن تتحقق بخلط مفهومه بفكرة الدولة، لكن حماية الدولة ستحدث عندما نفصلها عن مفهوم النظام .

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.