مقالات

  29-05-2020

عبد العظيم حماد يكتب:المنقذون الذين أضاعوا كل شئ

"كلهم جاؤوا للإنقاذ" أو هكذا زعموا، وربما كانوا صادقين او أغلبهم كان كذلك .

إنقاذ الأوطان من الاستعمار أو التبعية أوالنفوذ والاستغلال الأجنبي، أولا ومن التخلف والضعف ثانيا.

ولا خلاف علي أن النظم الحاكمة التي انقلبوا عليها كانت فاشلة أو عاجزة، أو عميلة في احيان قليلة جدا لكنهم جميعا لم ينقذوا شيئا بل اضاعوا كل شئ تقريبا.

بدأت الحكاية في منطقتنا بانقلاب جمعية تركيا الفتاة علي السلطان عبد الحميد وعزله في الدولة العثمانية عام 1908، وكانت الحجة هي انقلاب السلطان قبل عقود علي الدستوروضعف الدولة.

رحبت الغالبية وقتها بالمنقذين ولكنهم وبسبب تعصبهم القومي حاولوا تتريك العرب والأرمن والأكراد وغيرهم وارتكبوا مذابح وعلقوا مشانق من أجل ذلك فاتسعت الانقسامات وتعمقت الكراهية .

وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى رفض السلطان (محمد رشاد) فكرة الدخول فيها إلى جانب ألمانيا صديقة الدولة وحليفتها، لكن المنقذين أنورباشا وطلعت باشا وعصمت باشا وجمال باشا (السفاح) أجبروه على ذلك بغلظة وأسفرت الحرب - كما نعرف -عن ضياع الدولة العلية، واحتلال تركيا نفسها بعد خسران كل الولايات المتبقية، فماذا فعل المنقذون ؟

لقد هربوا جميعا وتشتتوا في البلدان، لم يبق أحد منهم لإنقاذ الوطن ،بل ولم ينتحر أحدهم مثلا خزيا.

رجل واحد هو أتاتورك هو الذي بقي و أنقذ الوطن الأم فقط وهذه قصة أخرى ولكن ما يهم هوأنه لم يكن وزيرا أو صانع قرار في حكومة أولئك الانقاذيين .

من يومها تكررت الظاهرة حتي لتكاد تكون قانونا في بلدان المنطقة

ضباط يوليو 1952 جاؤوا للانتقام من هزيمة 1948 أمام اسرائيل ولطرد الاحتلال البريطاني وبعد سلسلة من الانتصارات والإنجازات في البداية هزموا من اسرائيل هزيمة أشنع وأوجع ورغم الحرب الناجحة في طورها الاول في 1973 كانوا هم أسبق الجميع للاعتراف بإسرائيل والإقرار بالعجز عن الاستمرار في المواجهة وكان من نتائج ذلك عودة النفوذ الأجنبي (الأمريكي هذه المرة ) الي حد مشاركة واشنطن مثلا في كل قرارات الدولة والمؤسسات والجماعات وسائر القوي السياسية في أثناء ثورة يناير الي جانب المديونية المالية وإضعاف الدور الاقليمي

البعثيون في سوريا والعراق كانوا أسوا حالا ومآلا، دمروا البلاد والعباد وأشعلوا الحروب الأهلية والفتن الطائفية وجلبوا الاحتلالات والغزوات لأوطانهم.

كذلك فعل المنقذون في اليمن والسودان وليبيا، كما نرى، بل ان عمر البشير سمى انقلابه حركة الإنقاذ (من اقتراب جيش التمرد الجنوبي من الخرطوم ) فكان هو نفسه ولا أحد غيره من استسلم لتقسيم السودان الي شمال وجنوب، بدلا من الاستجابة لمطلب قيادة الجنوبيين وقتها ومؤيديهم في الشمال بتأسيس نظام مدني ديمقراطي علماني

طبعا لا يختلف أداء وتراث كل من القذافي وعلي عبد الله صالح وقادة اليمن الجنوبية (الاشتراكيين !) عن تلك النماذج في شئ

كتب صديقي أيمن الصياد ذات مرة يقول :”إن الديكتاتورية تماثل العلاج بالكورتيزون…تحقق نتائج مبهرة في البداية ثم تدمر الجسد دمارا شاملا بعد ذلك “

أ.عبد العظيم حماد
عضو مجلس الأمناء بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.