مقالات

  29-05-2023

دور منظمات المجتمع المدنى في تحقيق الرقابة الشعبية

لا يمكن الحديث عن تنمية المجتمع دونما ذكر منظمات المجتمع المدني. فالمجتمع المدني هو مجموعة من التنظيمات والمؤسسات التطوعية المستقلة ذاتيًّا، غير الربحية، والتي تمارس عملًا محددًا ينطلق من قواعد فكرية محددة وفق رؤية محددة، ومرتبط بتحقيق منافع ومصالح للمجتمع ككل، أو لبعض الفئات المهمشة التي لا تحظى بالاهتمام المطلوب.

وقد صدر قانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لسنة 2019 حيث بلغ عدد الجمعيات الأهلية المسجلة في وزارة التضامن الاجتماعي عام 2012 قرابة 37.500 ألف جمعية أهلية، وظل العدد في الارتفاع حتى بلغ 43.500 ألف جمعية ومؤسسة أهلية في عام 2013. وفي عام 2019، ازداد العدد إلى 52.500 ألف جمعية، وفي مطلع عام 2021، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي أن مجموع الجمعيات الأهلية المسجلة في مصر قد وصل إلى 57.500 ألف جمعية ومؤسسة، وهو ما يعكس اهتمام القيادة السياسية في السنوات الأخيرة بالمجتمع المدني.

أعلن السيد رئيس الجمهورية أن عام 2022 هو عام المجتمع المدنى، كما صدرت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان في سبتمبر 2021 والتي تقوم على أربعة محاور رئيسية، حيث أعطت العمل الأهلى دورًا رئيسيًا في تنمية المجتمع، كما دعى السيد رئيس الجمهورية إلى الحوار الوطنى في 26 ابريل 2022 والذي أكد من خلاله على أهمية شراكة الدولة مع المجتمع المدني في نهضة المجتمع. حيث يأتي المجتمع المدني كشريك أساسي في عملية تعزيز تنمية الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونشر ثقافة العمل التطوعي، والإسهام في جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم المجتمع، في إشارة إلى أن المجتمع المدني له عظيم الأثر في تعزيز جميع مجالات العمل التنموى.

ويمكن للمجتمع المدني أن يقوم بأدوار متعددة أولها التشارك في تحقيق الأهداف التنموية الخاصة بالدولة، ومواجهة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمواطنين، من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية والتشغيلية، وثانيها القيام بالأعمال البحثية والاستقصائية التي تسهم في تحديد المشكلات المجتمعية، والسبل المثلى لمواجهتها وتقديم البدائل المناسبة لصناع القرار. وتختص منظمات المجتمع المدني كذلك بدور رقابي سواء فى سير العمليات الانتخابية أو في الرقابة الشعبية على المجلسين التنفيذي والشعبى بالمجتمعات المحلية من خلال آليات الجلسات العلنية وجلسات الاستماع وغيرها، بجانب أدوار أخرى متعددة، منها: رفع الوعي بالقضايا والتحديات المجتمعية، وتدريب وتأهيل القيادات الشابة على العمل الجماعي والتطوعي. 

ونحن نرى أن الدور المأمول لمنظمات المجتمع المدنى في الحوار الوطني كالآتي:

تنظيم الصفوف الداخلية: حيث يجب على منظمات المجتمع المدني إقامة حوار بيني فيما بين المنظمات؛ لتوحيد الصفوف، والوقوف على القضايا ذات الأولوية التي يجب أن يتضمنها الحوار الوطني. إضافة إلى إعادة تنظيم دور المجتمع المدني بما يتوافق مع الأجندة التنموية للدولة.

التنسيق والشراكة: من خلال إيجاد آلية للتواصل والتنسيق بين المنظمات والجهات ذات العلاقة وخاصة الحكومية. والسعي إلى إقامة علاقات شراكة ما بين المنظمات، خاصة تلك التي تعمل في نفس الاتجاه، لتجنب ازدواجية العمل وهدر الطاقات، إضافة إلى إعداد قاعدة بيانات مشتركة لتوحيد الجهود وتكاملها وضمان عدالة التوزيع.

تغيير الصورة الذهنية السلبية المتراكمة لدى المواطن المصري تجاه تلك المنظمات من خلال عمل استراتيجية إصلاح متكاملة لمنظمات المجتمع المدني، وإعادة بناء جسور الثقة بينها وبين الدولة من جهة والمواطن من جهة أخرى.

ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وذلك من خلال التشارك بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق الأهداف المنشودة من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أُطلقت عام 2022، والتي تستهدف زيادة التنسيق والتكامل بين شركاء التنمية (الحكومة – المجتمع المدني- القطاع الخاص)، إضافة إلى تعزيز وتنمية القدرات المؤسسية للجمعيات الأهلية، وعقد الشراكات مع المجتمع المدني في مجال تنمية المجتمع.

 وعلى الرغم من أهمية منظمات المجتمع المدنى في تنمية المجتمع فضلا عن التفاعل مع الحوار الوطنى إلا ان هذا القطاع يعاني من عدة إشكاليات لابد من الدولة أن تعمل على حلها حتى يستطيع هذا القطاع القيام بالدور المتوقع منه في التنمية عموما وفى الحوار الوطنى خاصة.

فغياب النصوص القانونية التي تنص على أدوات للمشاركة المجتمعية في الشأن المحلي والتي تتنوع ما بين الاستفتاء وجلسات المساءلة العلنية وجماعات الضغط. فضلا عن قلة الوعي المجتمعي بالشأن المحلي وأهـمية المشاركة المجتمعية فيه. كل ذلك يحد من دور القطاع المدني في المشاركة في التنمية.

ومن الإشكاليات الكبيرة التي تحد من التوسع في العمل المدني هو غياب النصوص التشريعية التي تعطي الحق للمواطن في المساءلة والتى يستطيع من خلالها محاسبة الأجهزة التنفيذية المحلية والمجالس الشعبية المحلية، فاستمرار وجود الضغط الشعبي هو الضمان الرئيسي للحد من الفساد.

أيضا قضية الشفافية وتداول المعلومات فلا مساءلة بدون معلومات وفي ظل عدم تفعيل قانون إتاحة المعلومات سيظل دور المواطنين في المساءلة المجتمعية مهـمشا.

أيضا قضية ضعف تواصل منظمات المجتمع المدني مع المجالس الشعبية المحلية والأجهزة التنفيذية للقيام بدور إيجابي في دفع المشاركة الشعبية المجتمعية للأمام وفي تحديد أنشطة التنمية المحلية وتحسين الوعي المحلي وبناء قدرات العناصر البشرية للمساهـمة في العملية التنموية المحلية.

ولزيادة مشاركة المواطنين في الشأن المحلي لابد من:

توجيه الطاقات الشبابية حيث يمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا مهمًا وإيجابيًا في توجيه الطاقات الشبابية نحو الإسهام الحقيقي في التنمية، وتكوين كوادر شبابية قادرة على العمل الجماعي والتطوعي، مما يسهم في إفراز قيادات شبابية قادرة على ممارسة أدوار سياسية واقتصادية واجتماعية.

كما أن التمسك بالحيادية السياسية حيث تكتسب منظمات المجتمع المدني مصداقيتها من الحياد السياسي الذي يفرضه عليها القانون. والتمسك بالحيادية السياسية يمكن أن يكون عاملًا إيجابيًا في قدرتها على المشاركة في الحوار الوطني والتواصل مع كافة أطرافه.

خلق رؤية مشتركة لخدمة الحوار الوطني من خلال تدريب المنظمات الناشئة وبناء القدرات من خلال عقد المنظمات لندوات وورش عمل تضم مختلف الفئات وقادة الرأي ورؤساء المنظمات للخروج برؤية مشتركة تخدم الحوار الوطني.

رفع الوعي والتهيئة العامة من خلال العمل على رفع الوعي المجتمعي بأهمية الحوار السياسي المنعقد، من خلال تقديم فكرته، ومناقشة الهدف منه، والمخرجات المتوقعة.

منح المرأة دورًا في الحوار الوطن من خلال منح منظمات المجتمع المدني فرصًا أفضل لمشاركة المرأة بشكل فعال في الحوار الوطني لعرض آرائها بوصفها شريكًا قويًا في عملية التنمية والإصلاح. وفقنا الله لما فيه خير الوطن

د. آمال سيد

خبير الإدارة المحلية

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.