بيانات

  16-03-2021

بيان من المصري الديمقراطي الاجتماعي بشأن التعامل مع البيان الصادر عن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان

بالإشارة إلى البيان الصادر بتاريخ 12 مارس 2021 عن الاجتماع السادس والأربعين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان بناء على الطلب المقدم من فنلندا نيابة عن مجموعة من الدول ( 32 دولة ) بخصوص أوضاع حقوق الانسان في مصر ، يؤكد الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي على أن التعامل مع البيان من منطلق الدفاع عن سيادة الدولة هو مدخل غير صحيح ؛ ذلك أن مصر ، و شأنها في ذلك شأن كافة الدول المنضمة ، بإرادتها الحرة ، إلى الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 ، وايضاً بمقتضى تصديق مصر عام 1981 على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الموقعان عام 1966، فهذين العهدين ملزمين للدول التي صدقت عليهما ويتمتع كلاهما بسلطة أعلى من سلطة القوانين المحلية ، وانضمام مصر للمفوضية الدولية لحقوق الإنسان يلزمها - كما يلزم كل الدول المنضمة - بالتعامل بجدية كاملة مع تقارير المجلس الدولي لحقوق الإنسان والقيام بكل الإجراءات التي تكفل الالتزام العملي على الأرض بالعهدين الدوليين لحقوق الإنسان.
ومن ثم فإن البلاد التى صدقت على العهدين تراقب بعضها بعضاً وتتبادل النصح والدعم في سبيل الوصول إلى غد أفضل للجنس البشري كله ، وقبول الدول المنضمة للإعلان بهذه الرقابة المتبادلة يستند إلى أبرز أسس القانون الدولي ، وهو التحديد الطوعي من قبل الدول لسيادتها ، وقبولها بالتعاون والنصح المشترك فيما يتعلق بموضوع الاتفاقيات الدولية التى تتضمن التزامات تقع على عاتق الدول المنضمة إلى المعاهدات الدولية .
ومن جهة أخرى ، فإن البيان وكما يتبين من الاطلاع عليه ، لا يتضمن هجوما أو لهجة عدائية ضد مصر أو حكومتها ، بل هو يبدأ بالإشادة بقانون الجمعيات الأهلية الجديد ، ويقر فى صلبه بدور مصر في دعم الاستقرار الإقليمي وإدارة ملف الهجرة غير الشرعية والنضال ضد الإرهاب واستدعاء الحاجة إلى مواجهة الإرهاب في إطار من احترام حقوق الإنسان .
لكن البيان يسترعي الاهتمام " ويبدي القلق" بشأن تطبيق قوانين مواجهة الإرهاب على المدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين والصحافيين ، والقيود على حقوق التعبير والاجتماع السلمي والتوسع في الحبس الاحتياطى ... الخ . وينتهى بدعوة مصر إلى المشاركة البناءة مع مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة في مناقشة هذه الملاحظات ويبدي استعداد تلك الدول للتعاون مع مصر للوصول إلى النتائج المرجوة.
إن التعامل مع مثل هذا البيان لايجب أن ينطلق من الدفاع عن السيادة كما أسلفنا ، ولا إلى الحديث عن اغراض مشبوهة لدى الدول التي طرحت مناقشة الموضوع، فكل الدول الموقعة على البيان ترتبط بمصر بعلاقات دبلوماسية مستقرة ومفيدة للطرفين ومن بينها أبرز دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة المعتبرين رسمياً " حلفاء وأصدقاء وشركاء استراتيجيين ".
و أخيراً فإن التعامل مع هذا البيان لا ينبغي أن يستند على الانكار الكامل لكل ما ورد فيه، فمن غير المجدي انكار أن ثمة مشكلة لدى مصر في هذا الملف ، ولا يعقل أن يكون الرد على التقرير بمنطق أننا سنفضح مشاكل حقوق الإنسان في الدول التي تبنت البيان ، فهذا حق مقرر لكل دولة في عالم اليوم من جهة ، ولغة من غير اللائق استخدامها فى السياسة الدولية فى معرض الدفاع من جهة أخرى، ومما يدخل فى باب العلم العام أن حقوق الإنسان العامة والسياسية تعاني من مشكلات حقيقية في بلادنا واذا كان ذلك قد تم تبريره فى فترة الاضطراب التي اعقبت 2013/6/30 بالحاجة إلى تحقيق الأمن والاستقرار ، فقد انتفت الحاجة إلى ذلك بعد ان تحسنت الأوضاع الأمنية كثيراً في مصر في السنوات الأخيرة ، وقد تقدم بالفعل العديد من الأحزاب السياسية المصرية التي تعمل في ظل الدستور والقانون ، وكذا العديد من منظمات حقوق الإنسان المصرية بالإضافة إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر ، بعدة تقارير ومذكرات ومطالبات تؤكد أن ملف حقوق الإنسان في بلادنا يشوبه الكثير من العوار والانتهاكات ، و على سبيل المثال قدم نواب حزبنا ، في أول اجتماع للجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب مذكرة تتضمن عدة مطالب بالإضافة إلى خطة عمل لتحقيقها.
ينتظر العالم من مصر أن تعترف بوجود مشكلات، وبيان الخارجية المصرية نفسه أكد أنه لا توجد دولة تدعي الكمال في ملف حقوق الإنسان وأن الحاجة ماسة دائماً للتطوير . فوجود المشكلات في حد ذاته لا يُسيء لنا مثلما يمكن أن يسيء لنا الانكار الذى قد يدفع أطراف أخرى بالفعل، وعلى رأسها الإخوان وحلفاءهم ، إلى المبالغة في حجم هذه المشكلات.
وأخيراً فإن العالم ينتظر منا بعد الاعتراف بوجود مشكلات أن نطرح خطة وجدولا زمنيا لعلاج هذه المشكلات ، وهذا ما ينبغي أن نعتمده كأسلوب للتعامل مع أية انتقادات دولية .
نطالب الحكومة المصرية بموقف يحرص على علاقات مصر الطيبة بالدول التي أصدرت البيان و يتفاعل مع ما جاء فيه بشكل إيجابي و عبر نقاش يتجنب الإنكار و التراشق و يحرص على الموضوعية و الدقة لكي نتمكن من نفي أية مبالغات أو مغالطات و نحسن بالفعل صورة مصر ، من خلال تحسين الأوضاع نفسها في مصر ، و نكبح جماح أي تدهور ضار و محتمل لعلاقة مصر بهذه الدول .
الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
16 مارس 2021

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.