مقالات

  11-03-2023

السعودية وإيران :تعليقات أولية

لا جدال في أن استئناف العلاقات الرسمية بين السعودية وإيران، التي قطعت عام ٢٠١٦ ، يعد تطورًا إيجابيًا مهمًا.
وهذه رؤيتي له في نقاط سريعة :
١-هو أولًا تصالح المتعبين في اليمن ولبنان أساسًا وفي عموم الخليج بعد ذلك فمثل كثير من الصراعات الساخنة بالوكالة لم يستطع طرف فرض شروطه على الطرف الآخر رغم الدماء والدمار والمليارات المهدرة.
٢-يفترض أن تكون أولى ثماره انتخاب الرئيس اللبناني الجديد و تقليص هيمنة حزب الله على السياسة اللبنانية ولكن دون مساس بقدراته العسكرية، مع عودة الدعم السعودي الخليجي المشروط للبنان.
٣- على مدى أطول نسبيا اتفاق لتقاسم السلطة في اليمن بين حلفاء ايران وحلفاء السعودية تحت رعاية الأمم المتحدة وبمراقبتها وغالبًا لن يتم نزع سلاح الحوثيين ولكنه سيبقي في غمده حتى يكتمل بناء الثقة بين كل الأطراف.
٣-مؤكد أن خطاب التحريض الإيراني لشيعة الخليج وخاصة شيعة السعودية سيتوقف.
٤-الرعاية الصينية للاتفاق مؤشر جيد على ديناميكية جديدة لسياسة بكين الخارجية ومع أنه يغض نسبيا من هيمنة أمريكا لكن بالطبع فإن ايران خرجت على الطاعة الأمريكية مبكرًا جدًا، بل هي القوة الاقليمية المناوئة للنفوذ الأمريكي والراعي أو الوسيط ينبغي أن يحظى بثقة من يتوسط بينهم وهذا يتوافر للصين وحدها ويتفق مع مصالحها في مشروع الحزام والطريق واحتياجاتها من البترول والغاز.
٥- هذا ليس تمردًا سعوديًا على واشنطن لأن أمريكا تبقى الضامن الحقيقي لاستقرار دول وعروش دول الخليج كلها.

٦- في هذه النقطة بالذات يتذكر المخضرمون اتفاق طشقند لوقف الحرب الهندية الباكستانية برعاية السوفييت في يناير عام ١٩٦٦ الذي كان بالتأكيد انتصارًا دبلوماسيًا ومعنويًا لكنه لم يؤد إلى انقلاب التوازنات الاقليمية أو الدولية.
٧- قد تحسن المصالحة السعودية الإيرانية الحالة في العراق وسوريا لكن سيبقى الصراع في العراق أمريكيًا/إيرانيًا ويبقى الصراع في سوريا متعدد الأطراف: ايرانيًا/اسرائيليًا وتركيًا/ كرديًا وأمريكيًا/ داعشيًا وطبعًا أمريكيًا/ روسيًا، وقبل كل ذلك وبعده سنيًا علويًا.
٨- على مدى أطول نسبيًا سوف تتحسن فرص إحياء الاتفاق النووي الدولي مع إيران بما أن الضغوط الخليجية على واشنطن للتشدد مع طهران في هذا الموضوع سوف تلين بدرجة كبيرة نتيجة لمصالحة الرياض وطهران.
٩- يفترض أن يؤدي إحياء الاتفاق النووي، مع لجم دور حزب الله في لبنان، إلى تخفيف الاحتقان مع إسرائيل. كما يفترض أن يؤدي ذلك جنبا إلى جنب مع التسوية في اليمن إلى تقليل احتياج السعودية والإمارات إلى التعاون العسكري والأمني مع اسرائيل
١٠-منطقيًا يجب أن ترجئ هذه التطورات قرار التطبيع السعودي مع اسرائيل، الذي يضغط نيتانياهو بشدة من أجل الحصول عليه، وعمومًا سيكون خطأ يرقى إلى الخطيئة أن تتخذ السعودية قرار التطبيع لأنه سيكون انقاذًا لنينينياهو وحكومته البشعة من الأزمة الداخلية غير المسبوقة في تاريخ اسرائيل دون مقابل حقيقي لمصلحة السلام الشامل في الاقليم.
١١-أيضًا من السابق لأوانه، ولكنه يبقى احتمالا في الأفق البعيد، أن ينبني على المصالحة السعودية الإيرانية ونتائجها المتوقعة عاجلا وآجلا مشروع دولي للسلام والأمن الجماعي في الإقليم خاصة إذا تمكن المعتدلون في طهران وتل أبيب من سلطة القرار، وإذا تعاونت واشنطن وبكين (وموسكو فيمابعد ) في بذل الجهد وتقديم الضمانات.
١٢-هنا يأتي دور كل من مصر وتركيا، إذ هما -إلى جانب السعودية وإيران واسرائيل- ، الأطراف الإقليمية الأهم، وإذا كانت القاهرة قد تخلت أو أبعدت عن أدوار وملفات اقليمية عديدة من قبل فإنها لا تملك ترف البقاء بعيدًا أكثر من ذلك، كما لا يملك أحد إبعادها إلى مالانهاية خاصة في القضية الفلسطينية.
١٣- الخطوة المهمة والملحة المطلوبة من مصر هي إعادة العلاقات فورًا مع إيران والعمل بجدية على تحسين العلاقات جوهريًا مع تركيا.

عبد العظيم حماد

رئيس التحرير الأسبق لصحيفة الأهرام

وعضو الهيئة العليا والمكتب السياسي للحزب

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.