مقالات

  07-05-2025

نحو منظومة جديدة للتنمية المحلية

تعد الإدارة المحلية إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية على المستوى القومى، فهى تمثل شكلا من أشكال توزيع السلطة الإدارية بين الحكومة المركزية والوحدات المحلية، مما يتيح للمواطنين المشاركة الفعلية في إدارة شئونهم اليومية وتحقيق تطلعاتهم المجتمعية.

وعلى الرغم أن الإدارة المحلية بمفهومها الحديث قد وردت في أول دستور مصرى وهو دستور 1923، الذى كانت به مادة واحدة قسمت فيها مصر الى 7 مديريات وكل مديرية تنقسم الى بلديات، وبالرغم أن كل الدساتير المصرية التالية قد أفردت فصولا مستقلة للإدارة المحلية، إلا أنه ظلت الإدارة المحلية تائهة فيها، فهى تابعة للسلطة القضائية حينا، وتابعة للسلطة التنفيذية حينا. حتى فقدت قوانين الإدارة المحلية فلسفتها وانعدمت فيها الرؤية الاستراتيجية للتنمية.

 وتتفاقم المشكلة فى ظل غياب المجالس المحلية المنتخبة وانعدام الرقابة الشعبية وهو ما يجعلنا نتساءل هل هناك بدائل للرقابة الشعبية؟ وهل هناك تصور عام للتنمية المحلية؟ وما هو السبيل لتحقيق استراتيجية عامة للتنمية المحلية؟

وهو ما ستناقشه الورقة المقدمة لحضراتكم.

هناك مجموعة من الإجراءات التنفيذية التي يجب اتخاذها في سبيل تحقيق استراتيجية للتنمية المستدامة:

أولا – مجموعة الإجراءات المتعلقة بإصدار قانون الإدارة المحلية.

ثانيا – مجموعة الإجراءات المتعلقة بإدارة التنمية المحلية.

ثالثا – مجموعة الإجراءات المتعلقة بوزارة التنمية المحلية.

أولا – مجموعة الإجراءات المتعلقة بإصدار قانون الإدارة المحلية:

ويتحقق هذا الهدف من خلال ثلاث خطوات تنفيذية:

  1. إعادة هيكلة نظام الإدارة المحلية رأسيا وأفقيا : رأسيا من خلال إلغاء مستوى المركز لسد الفجوة التنموية بين المدينة وما حولها من قرى وضمان توزيه الخدمات المحلية بين أرجاء المركز وبالتالى بين أرجاء المحافظة ، وأفقيا من خلال إعادة ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات بحيث يكون لكل محافظة منفذا على البحر الأحمر وظهيرا صحراويا، بهدف تنويع الأنشطة الاقتصادية للمحافظات ، حيث سيكون بالمحافظة الواحدة أنشطة بحرية ،وزراعية ،ومحجرية ،وتعدينية، مما سينعكس مباشرة على دخول المواطنين، وبذلك نكون أجرينا حراكا جغرافيا الذى يؤدى الى حراك إقتصادي والذى يؤدى الى حراك تنموى.
  2. ضم المدن الجديدة حيث لا يستقيم الأمر حين تدار المحافظة الواحدة بقانونين أحدهما يتبع وزارة التنمية المحلية والآخر يتبع هيئة المجتمعات العمرانية.

وينتج عن ذلك أن يكون للمحافظة الواحدة خطتين استثماريتين أحدهما من وزارة الإسكان والأخرى من وزارة التنمية المحلية، والتي لا تتناسب مع مبادئ العدالة في توزيع الاستثمارات، حيث تحظى المدن الجديدة بمخصصات استثمارية تفوق ما يخصص للوحدات المحلية القديمة، وهو ما يخل بمبدأ العدالة في توزيع الاستثمارات المحلية.

ويجب ضم المدينة الجديدة الى نظام الإدارة المحلية إذا وصل تعداد سكانها الى 20 ألف نسمة.

فإذا تمت هذه الخطوات الثلاث نكون بذلك جاهزين لإصدار قانون جديد للإدارة المحلية يليق بالجمهورية الجديدة ويعطى المجتمع المدنى حقه ويجعله شريكا أساسيا في التنمية، وهو ما سنوضحه تاليا.

ثانيا – الإجراءات المتعلقة بإدارة التنمية المحلية بالمحافظات:

ويتحقق هذا الهدف من خلال إنشاء  " وحدات المجتمع المدنى" ،وهى وحدات تضم ممثلين عن المجتمع المدنى، والأحزاب التى لها تمثيل نيابى ( برلمان / شيوخ)، كما تضم رؤساء الإدارات التنفيذية في الوحدة المحلية ، وتقوم هذه اللجان بإقامة حوار مجتمعى مستمر مع مواطني المجتمع المحلى للتعرف على احتياجاتهم وإدراجها في الخطة الاستثمارية للمحافظة ،وسرعة الاستجابة لمشكلات المواطنين وحلها مع الأجهزة التنفيذية، ومناقشة سبل تعبئة المشاركة الشعبية، واقتراح البدائل لحسن استخدام وإدارة الموارد المحلية ومعظمة الاستفادة منها، فضلا عن قيامها بدور الرقابة الشعبية البديلة للمجالس الشعبية المنتخبة.

وتقدم هذه اللجان تقارير دورية مقدمة للسادة المحافظين والى وزارة التنمية المحلية.

ثالثا – الإجراءات المتعلقة بوزارة التنمية المحلية:

وذلك بالعمل على أربعة محاور ينشأ لكل منها وظيفة مساعد وزير:

  1. محور المجتمع المدنى: حيث يتم إنشاء وحدة مركزية للمجتمع المدنى و تتولى تجميع التقارير الدورية الواردة من وحدات المجتمع المدنى بالمحافظات، لتقديم تقرير مجمع يعطى مؤشرات عامة عن حالة المجتمع المدنى بالدولة، والتي تساعد صناع القرار فى توجيه المجتمع المدنى الى القطاعات التي بها قصور مثل قطاعات التعليم أو الصحة أو البنية الأساسية ...وغيرها، وبذلك يكون القطاع المدنى متكاملا مع الخطة الاستثمارية للدولة ومكملا لها.
  2. محور الاتفاقيات الدولية: حيث تقوم الوزارة بالتشبيك مع الهيئات الدولية المانحة لعقد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتنمية، وتقديم الخدمات للفئات الضعيفة مثل المرأة والطفل والمسنين وذوى الإعاقة.
  3. محور المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال: وذلك من خلال التواصل مع مراكز البحث العلمى وربطها بمتطلبات التنمية حيث تقوم الوزارة بتطبيق ونشر المشروعات البحثية المتعلقة بالبيئة أو نقل التكنولوجيا وذلك من خلال منظومة الإقراض الصغير بالوزارة.
  4. محور التدريب وتنمية الموارد البشرية: وذلك من خلال الاهتمام بتدريب الكوادر المحلية ونشر ثقافة التنمية المستدامة وتطبيق مفاهيم الحوكمة والإدارة الرشيدة، وذلك بتحويل مركز تدريب التنمية المحلية بسقارة، والحاصل على شهادة الأيزو الى معهد متخصص يمنح دبلومة الدراسات العليا في دراسات الإدارة المحلية، لضمان توحيد مفاهيم التنمية المحلية والإدارة الرشيدة بين القيادات المحلية، وبحيث يعتبر الحصول على دبلومة الدراسات العليا في الإدارة المحلية هي أحد معايير الترقى للقيادات المحلية.

إن التنمية المحلية هي عملية ديناميكية مستمرة، وتتغير تبعا لاحتياجات المجتمعات المحلية، وتتواكب مع متطلبات العصر، وصولا الى تحسين نوعية الحياة للمواطنين، وتوسيع البدائل والخيارات أمامهم. حتى ينهض الوطن ويتقدم للأمام.

د/آمال سيد

خبير الإدارة المحلية

وعضو الهيئة العليا

كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي

تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.