03-10-2024
أتحدث إليكم اليوم كشخص قضى سنوات يعمل في مناخ متداخل بين القانون التجاري وحقوق الإنسان. لقد أظهرت لي مسيرتي المهنية أن حماية البيئة ليست مجرد قضية تقتصر على الحكومات أو المدافعين عن البيئة، بل هي أيضًا شأن حيوي للشركات والمدافعين عن حقوق الإنسان.
اليوم، أود أن أستعرض كيف تعاملت كل من الصين ومصر مع التحديات البيئية، والأطر القانونية التي تحكم هذه الجهود، والعلاقة العميقة بين حماية البيئة وحقوق الإنسان، كما أرغب في تسليط الضوء على الفرص الكبيرة للتعاون بين الدولتين.
دعونا نبدأ بمناقشة الرحلة البيئية للصين.
كمحامٍ متخصص في القانون التجاري، لطالما أُعجبت بشكل خاص بقدرة الصين على دمج الأطر القانونية مع الحوافز التجارية، باستخدام أدوات تعتمد على السوق مثل أنظمة تجارة الانبعاثات، فلقد أدخلت تعديلات قانون حماية البيئة الصيني لعام 2014 آليات نافذة وقوية تُحمل الشركات مسؤوليتها المجتمعية المشتركة.
هذا التحول التنظيمي يُبرز نقطة حيوية: "يجب على الشركات التوافق مع الأهداف البيئية، ويجب أن تشجع الأطر القانونية على الامتثال والمسؤولية الاجتماعية للشركات".
ومع ذلك، على الرغم من هذه التحسينات، لا تزال التحديات قائمة، ويظل التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة أمرًا صعبًا، لا سيما للمسؤولين المحليين، وباعتباري شخصًا عمل مع كل من الشركات والهيئات التنظيمية، أرى أن هذه المساحة تحتاج إلى تعاون أقوى وآليات قانونية شفافة لضمان الامتثال والتطبيق الدائم دون عرقلة النمو الاقتصادي.
وبالانتقال إلى مصر،
فلقد شاهدتُ عن قرب كيف يمكن أن تحمي السياسات البيئية البيئة الطبيعية وكرامة الإنسان في الوقت نفسه. لدى مصر إطار قانوني شامل، بما في ذلك قانون حماية البيئة رقم 4 لسنة 1994، الذي يعكس التزامًا بالحفاظ على الموارد الطبيعية مثل نهر النيل.
كما تظهر مبادرات مثل مشروع "مجمع بنبان للطاقة الشمسية" كيف يمكن أن تسهم الشراكات بين القطاعين العام والخاص في دفع عجلة التنمية المستدامة. بصفتي محاميًا تجاريًا، أعلم أن مشاركة القطاع الخاص أساسية لتوسيع نطاق الحلول البيئية.
ومع ذلك، تواجه مصر، مثل الصين، تحديات في تطبيق القوانين، على سبيل المثال، يُظهر تلوث الهواء في القاهرة وإدارة النفايات على طول نهر النيل كيف أن التدهور البيئي يؤثر بشكل غير متناسب على الفئات المهمش.
كمحامٍ مدافع عن حقوق الإنسان، رأيت كيف يؤدي الضرر البيئي إلى تفاقم عدم المساواة وينتهك حقوق الإنسان الأساسية، لا سيما الحق في الهواء النظيف والمياه، وإن تعزيز إنفاذ القانون وتشجيع المشاركة العامة الأكبر في الحوكمة البيئية هما خطوتان أساسيتان لمعالجة هذه التحديات.
الآن، أود تسليط الضوء على العلاقة بين حماية البيئة وحقوق الإنسان،وهي قضية محببة جدًا إلى قلبي.
فالتدهور البيئي ليس مجرد قضية مجردة؛ بل يؤثر بشكل مباشر على حياة الناس، يعد الهواء النظيف والمياه والأرض ضرورية للصحة وسبل العيش وجودة المعيشة والرفاهية. عندما تفشل الشركات أو الحكومات في حماية البيئة، تكون المجتمعات الأكثر فقراً هي التي تعاني بشكل اكبر، وهذا يجعل حماية البيئة قضية ملحة لحقوق الإنسان.
لقد عملت مع مجتمعات تتعرض بشكل مباشر لتأثيرات التلوث واستنزاف الموارد، وقد رأيت الثغرات القانونية التي تسمح باستمرار هذا الضرر. لهذا السبب، من الضروري أن تدمج السياسات البيئية مبادئ حقوق الإنسان، وأن يتم سماع أصوات الفئات المهمشة، وأن تتحمل الجهات الفاعلة في القطاع الخاص المسؤولية عن تأثيرها البيئي من منظور قانوني، فإن تعزيز المساءلة القانونية للشركات أمر ضروري—وهو ما يجب على كل من الصين ومصر إعطاؤه الأولوية كجزء من استراتيجياتهما البيئية.
بينما ننظر إلى المستقبل، هناك أيضًا فرص كبيرة للتعاون بين الصين ومصر.
ومن خلال خبرتي في القانون التجاري، أرى إمكانات هائلة للتعاون القانوني، خصوصًا في مجالات تقييم الأثر البيئي، والتكنولوجيا الخضراء، والممارسات التجارية المستدامة. يمكن أن تقدم تجربة الصين في تنفيذ القوانين البيئية على مستويات حكومية متعددة دروسًا قيمة لمصر. في المقابل، يمكن أن تشارك مصر خبرتها في مكافحة التصحر وتعزيز الطاقة المتجددة مع الصين، خصوصًا في المناطق التي تواجه تحديات بيئية مماثلة، وعليه أقترح إنشاء لجان قانونية بيئية مشتركة ومراكز بحثية معنية بالتكنولوجيا الخضراء والحوكمة البيئية، وشكراً.
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.