08-03-2025
لفهم طريقة تفكير دونالد ترامب في التعامل مع القضية الفلسطينية وعرض تهجير الفلسطينيين، لابد من الرجوع إلى كتابيه المهمين “فن الصفقات” (1987) و”صفقة القرن” (2020). هذان الكتابان يكشفان عن أسلوب ترامب الترامباوي في التفاوض وكيفية صياغة المقترحات الكبرى التي تجمع بين مزيج من القوة والتعامل التجاري في العلاقات الدولية. فيما يلي تحليل مفصل لهذا الأسلوب وكيف يمكن أن يترجمه إلى اقتراح تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن.
فن الصفقات: أسس التفاوض والقوة الترامباوية
يعتبر كتاب “فن الصفقات” مرجعًا أساسيًا لفهم كيفية تعامل ترامب مع المفاوضات الكبرى. ففي هذا الكتاب، يؤكد ترامب على عدة نقاط أساسية:
• استخدام أقصى قوة تفاوضية: يُعرف ترامب بقدرته على بدء المفاوضات بمواقف صادمة وحازمة وشديدة، بهدف فرض الضغط على الطرف الآخر. فهو لا يتوانى عن اتخاذ مواقف متشددة في بداية الحوار، إذ يرى أن هذا النهج يمكّنه من الحصول على شروط أفضل في الصفقة. إذا كان سينظر إلى تهجير الفلسطينيين، فمن المحتمل أن يُعد هذا الإجراء خطوة جريئة تهدف إلى تغيير معادلات النقاش السياسي والإقليمي.
• تقديم الصفقة على أنها مكسب للطرفين: على الرغم من أن النتائج قد تصب في مصلحة ترامب في الأساس، فإنه يحرص على تقديم الصفقات على أنها مفيدة لجميع الأطراف المشاركة. وهذا النهج يجعل الخصم يشعر بأنه حصل على بعض المكاسب، مما يسهل قبول الشروط المقترحة. لذا، قد يُبرر ترامب فكرة التهجير بأنها ستحقق استقرارًا أمنيًا واقتصاديًا للمنطقة وتمنح الدول المستضيفة بعض الحوافز.
• المرونة والواقعية: يرى ترامب أن أي صفقة تحتاج إلى تعديلات بناءً على تغير الظروف وردود فعل الأطراف المختلفة. فالمرونة في التفاوض تعتبر عنصرًا أساسيًا في منهجه، مما يعني أنه على استعداد لتعديل مقترحه فيما يتناسب مع التطورات على الأرض وردود الفعل الدولية.
صفقة القرن: الدبلوماسية التجارية وتشكيل الواقع الإقليمي
أما كتاب “صفقة القرن” فيعرض رؤية ترامب للخطة العربية-الإسرائيلية التي قدمتها إدارته. وفي هذا السياق، يبرز الكتاب عدة نقاط رئيسية:
• الدبلوماسية بأسلوب التعامل التجاري: ينظر ترامب إلى العلاقات الدولية وكأنها صفقات تجارية، حيث يتم تقييم كل خطوة بمعايير الربح والخسارة. ففي إطار هذه الرؤية، يمكن أن يُقترح تقديم حوافز اقتصادية للفلسطينيين مقابل التنازلات، وربما يشمل ذلك تقديم مساعدات مالية للدول المستضيفة مثل مصر والأردن. وفي نفس الوقت، لا يستبعد ترامب استخدام التهديد بتعليق هذه المساعدات كوسيلة للضغط على الفلسطينيين لقبول الشروط.
• التعامل مع الواقع على الأرض: ميّلت الخطة في “صفقة القرن” لصالح إسرائيل، حيث تم الاعتراف بسيادتها على المناطق المتنازع عليها، وتقديم حكم ذاتي محدود للفلسطينيين بدلاً من إنشاء دولة كاملة. هذا النهج يؤكد على تركيبة معقدة تجمع بين الاعتراف بالمصالح الإسرائيلية وتقليص دور الفلسطينيين في رسم مستقبلهم السياسي.
• التعاون الإقليمي: دعا ترامب إلى تدخل دول عربية مثل السعودية والإمارات وغيرها للعب دور محوري في الضغط على الفلسطينيين لقبول الشروط المطروحة. يُظهر هذا الأسلوب أنه يعتمد على الدعم الإقليمي لتثبيت موازين القوى في المنطقة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لإدارته.
ترجمة النهج الترامباوي إلى عرض تهجير الفلسطينيين
إذا فكر ترامب في تقديم عرض لتهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن، فمن المرجح أن يكون العرض مبنيًا على ثلاثة محاور رئيسية:
1. حل عملي لتحقيق الاستقرار: قد يُقدم ترامب فكرة التهجير على أنها خطوة ضرورية لتحقيق استقرار طويل المدى في منطقة تعاني من صراعات مستمرة. من خلال هذه الخطوة، يُمكن تصوير الفكرة كحل عملي يقلل من التوترات الإقليمية ويخلق فرصًا لتنسيق أفضل بين الدول المجاورة.
2. فرصة اقتصادية للدول المستضيفة: قد يشمل العرض تقديم مساعدات مالية أو اقتصادية للدول المستضيفة كحافز لاستقبال الفلسطينيين. هذه الحوافز ستُعرض كجزء من الصفقة التجارية الكبرى التي تضمن توزيع المنافع بطريقة تبدو متوازنة لجميع الأطراف.
3. لعبة استراتيجية لتقليص دور القيادة الفلسطينية: من ناحية استراتيجية، يمكن أن يُستخدم هذا العرض لتقليل النفوذ الفلسطيني في المشهد الإقليمي، حيث يُحاول ترامب تقليص دور القيادة الفلسطينية وإعادة تشكيل معادلات القوى من خلال دعم دول إقليمية معينة لتكون طرفًا مؤثرًا في العملية.
باختصار، يعتمد أسلوب ترامب في التعامل مع القضايا الكبرى على نهج التفاوض التجاري الذي يجمع بين القوة والمرونة في آنٍ واحد. كتابيه “فن الصفقات” و”صفقة القرن” يبرزان هذه الاستراتيجية التي يمكن أن تُترجم إلى عرض لتهجير الفلسطينيين، رغم أن مثل هذا العرض يثير رفضًا واسعًا من الفلسطينيين والدول المجاورة و بعض الجهات الدولية. وفي النهاية، تبقى فكرة تهجير الفلسطينيين مقترحًا غير مقبول أبداً من جانب مصر و من جانب فلسطين ، وهو ما يؤكد أن الطريق الذي يسلكه ترامب في الشؤون الإقليمية لا يتماشى مع المطالب الأساسية للشعوب والحقوق المشروعة للفلسطينيين و أن الحل الشامل للسلام الدائم يجب أن يكون بتطبيق القرارات الدولية و الأممية الخاصة بإقامة الدولتين و تحقيق الحرية و العدالة للشعب الفلسطيني دون المساس بأراضي ولا بسيادة الدول المحاورة .
دكتور/ فريدي البياضي
عضو مجلس النواب-نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.