06-09-2024
أقرت الحكومة في برنامجها المعلن اعتماد مبدأ التخطيط التشاركى كأحد آليات صناعة القرار، والذى يستهدف اعتبار منظمات المجتمع المدنى شريك أساسي في صنع القرار المحلى، وبذلك يشارك فى صناعة القرار المحلى القطاع الحكومى ممثلا في الإدارات التنفيذية، والقطاع الأهلى ممثلا في منظمات المجتمع المدنى، والقطاع الخاص ممثلا في الشركات ذات المسئولية الاجتماعية.وتعتمد عملية تقديم الخدمات في المجتمع المحلى على العديد من المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص اضافة للخدمات التى تقدمها مؤسسات المجتمع المدنى حيث لا ينكر دورها فى اشباع احتياجات السكان الريفيين ومقابلة وحل مشكلاتهم.
وعلى الرغم من الدور الهام الذى تلعبه كافة المؤسسات المختلفة فى التنمية المحلية وتقديم أوجه خدمات الرعاية لمواطنى المجتمع المحلى إلا أن هذا الدور يعوزه الكثير من الشراكة والتنسيق والتعاون فى هذا الشأن.فخطة التنمية التي تحقق التغيير هي خطـة متعددة الأوجه فهي تسهم في زيادة الأصول لصالـح مواطني المجتمع المحلى مـن خـلال زيـادة الانفـاق العـام على الخدمـات الأساسـية، وهي تحسـن عمـل مؤسسـات الدولـة بهدف تحقيـق النمو والمسـاواة على حـد سـواء.ولذا لابد أن تستهدف التغلب على معوقات مشاركة السكان المختلفة في البرامج والمشروعات التنموية، خاصة مشاركة القيادات الشعبية فى تحديد أولويات مثل هذه المشروعات.
وترتبط المشاركة الشعبية ارتباطًا وثيقًا بالتنمية المستدامة، فنظرية التنمية المستدامة المعاصرة تعطى أهمية كبيرة للمشاركة فى ادارة الموارد المجتمعية فى إطار من الشراكة للتوصل الى رؤية مستقبلية، فمن الأهمية بمكان أن تنفذ من خلال دعم عملية الشراكة المحلية فى مراحل الاعداد والتنفيذ للبرامج والمشروعات الخدمية بالمجتمع.فعملية تقديم الخدمات المختلفة لأفراد المجتمع المحلى تحتاج إلى تضافر كافة الجهود الحكومية والأهلية والخاصة معاً فى إطار عملية تشاركية أو فى ضوء عمل فريقى تعاونى منذ بداية التخطيط لها ومرورا بتنفيذها وانتهاء بالاستفادة منها وتقويمها.
فمن خلال ضمان عملية المشاركة فى التخطيط لخدمات المجتمع التى تحتاجها المجتمعات المحلية وتوافر الدعم المادى والمعنوى لهذه الخدمات، فضلاً عن تمثيلها للاحتياجات الفعلية للسكان المحليين.علاوة على ذلك فإن منهج التخطيط التشاركى الذى يجمع شتات جهود كل من قطاعات المجتمع الثلاثة الحكومى والخاص والأهلى من شأنه أن يوجد خططاً واقعية للاحتياجات والمشكلات المجتمعية. حيث تزداد أهمية التخطيط التشاركى للخدمات المحلية فى مراعاته لأصحاب المصلحة الحقيقيين أو المستفيدين الفعليين منها فى ضوء رؤية باقى كافة الأطراف الأخرى المعنية بالعملية التخطيطية بالمجتمع حتى تأتى الخدمات معبرة عن احتياجات ورغبات أفراد المجتمع.
وتعود الجذور النظرية لمدخل التخطيط التشاركي إلى نظرية التخطيط التواصلي، والذي يملك القدرة على تغيير بناءات القوة والقضاء على مظاهر التهميش للسكان في عمليات التخطيط، مما يؤدى إلى نتائج أهمها: تحسين مخرجات العملية التخطيطية ذاتيا، تحقيق التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ومزيد من الارتقاء بنوعية الحياة.ومن ثم فإن التخطيط التشاركي يساهم بفاعلية في تحسين نوعية الخطط لتنمية المجتمعات المحلية وتقديم أوجه الخدمات ومنح القدرة لأفراد المجتمع المحلى للتأثير فى القرارات التى تخصهم لتحسين نوعية حياتهم من خلال المشاركة الفعالة فى المراحل المختلفة للعملية التخطيطية للخدمات.ولا شك أن مشاركة كافة الأطراف المعنية فى التخطيط للخدمات عملية هامة فى كافة المراحل المختلفة خاصة ما تعمق منها بتحديد الأولويات وآليات التنفيذ وحصر الموارد المتاحة والمتابعة والتقويم.
فالمشاركة الشعبية فى وضع الخطة وتنفيذها هى قمة الممارسة الديمقراطية للحرية السياسية والاجتماعية وهذا هو لب التنمية.ويشكل منهج التخطيط التشاركى أسلوباً جماعياً فهو يدعم بشكل فعال مشاركة المواطنين فى صنع القرارات المحلية ويعزز من ممارسة الديمقراطية والعمل الجماعى المؤسسى فى المجتمعات المحلية بديلاً عن علاقات المصالح والمنافع الفردية الضيقة.
فمن أهم نتائج عملية التخطيط التشاركى زيادة تدريجية في المشاركة من المواطنين العاديين في القرارات التي تؤثر على حياتهم، وذلك في كافة مستويات التنظيم في المجتمع، اضافة إلى ايجاد نوع من التعاطى أو الاستجابة للقرارات الحكومية، وقد يدعم ذلك من متطلبات المواطنة فى المجتمع المحلى. ومن شأن ذلك اخضاع المؤسسات المحلية للمحاسبة الشعبية، والتوفيق بين المصالح المتصارعة أحياناً من خلال مشاركة قطاعات المجتمع في صنع القرارات المتعلقة بموارد المجتمع المحلى.
ولعل ذلك يتفق مع منهج التخطيط التصاعدى أو ما يطلق عليه التخطيط من أسفل إلى أعلى حيث تأتى البرامج والمشروعات المحلية من القاعدة الشعبية معبرة بصدق عن الاحتياجات الفعلية للمواطنين ومن ثم تصل لمتخذى القرار لصوغها فى صورة مشروعات تنموية تعود بالنفع على المواطنين.ومن الأطراف المهمة الواجب استطلاع آراءها وضمان مشاركتها فيما ينفذ فى المجتمع الريفى من مشروعات وبرامج وخدمات أصحاب المصلحة وفى القلب منهم المستفيدين من تلك المشروعات والخدمات.
ولقد نودي بمدخل التخطيط التشاركى كأحد المفهومات التخطيطية منذ بداية التسعينات من القرن العشرين، إذ يقوم هذا المفهوم بالأخص علي المشاركة التامة أو التمثيل الكامل لجميع الجهات المستفيدة من المنتج التخطيطي أو ما يطلق عليها أصحاب المصلحة.فلا شك أنه من خلال أسلوب التخطيط التشاركى يمكن تنمية القرى الفقيرة وتوفير الخدمات المحلية بها والتى يتركز معظمها فى قرى الوجه القبلى أو الصعيد وصولا إلى نهضة شاملة لكل المجتمع المحلى.
د. آمال سيد
خبير الإدارة المحلية
عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
كل الحقوق محفوظة © 2021 - الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي
تطوير وإدارة الموقع: مؤسسة سوا فور لخدمات مواقع الويب وتطبيقات الموبايل.